الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دفع الزكاة للأخ المدين العاطل عن العمل

السؤال

هل يصح أن أعطي أخي جزءًا من الزكاة؟ مع العلم أنه مريض، ولا يستطيع العمل منذ سنة ونصف، إلا متقطعًا، وليس متزوجًا، وليست لديه التزامات سوى ديون خفيفة، وفي بعض الأوقات يأخذ مصروفًا من والديه -إن لزم الأمر-. أرجو الإفادة -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان أخوك لا يملك من المال ما يكفيه لحاجاته الأساسية -من مطعم، ومشرب، وملبس، ومسكن، ودواء-، وكان لا يستطيع التكسب، ولم يكن مستغنيًا بنفقة من يجب عليه الإنفاق عليه؛ فدفع الزكاة إليه جائز.

أولًا: لأن حدّ الفقر يصدق عليه؛ فالفقير هو من لا يكون غنيًا بحرفة، ولا مال، يقول الجصاص: قوله تعالى: يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ. يدل على أن الفقير قد يملك بعض ما يغنيه؛ لأنه لا يحسبه الجاهل بحاله غنيًا إلا وله ظاهر جميل، وبزة حسنة. فدل على أن ملكه لبعض ما يغنيه لا يسلبه صفة الفقر. انتهى.

قال الشربيني مبينًا حد الفقر: الفقير هنا (من لا مال له ولا كسب) يقع جميعهما أو مجموعهما (موقعًا من حاجته) والمراد بحاجته ما يكفيه مطعمًا، وملبسًا، ومسكنًا، وغيرها، مما لا بد له منه على ما يليق بحاله، وحال من في نفقته، من غير إسراف، ولا تقتير. انتهى بتصرف.

ثانيًا: أنه من الغارمين.

فإن كان عاجزًا عن سداد الدين، جاز له الأخذ من الزكاة؛ لأنه مدين، والمدين مصرفٌ من مصارف الزكاة؛ لقول الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}.

وعليه؛ فيجوز أن تدفع الزكاة إلى أخيك هذا -إن كان على الحالة التي ذكرت-، بل إن ذلك أولى؛ لما في المسند، والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي القرابة اثنتان: صلة، وصدقة. رواه أحمد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني