الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفاهم والحوار بين الزوجين أدعى لاستقرار الحياة الزوجية

السؤال

أعاني منذ 3 سنوات من كثرة الخلافات بيني وبين زوجي. أشعر تجاهه بالجفاء التام، فهو يقضي أغلب الوقت في عمله، ويقضي أغلب وقت الإجازات بين الجوال والألعاب الإلكترونية والتلفاز، بحيث يسهر إلى ما بعد الشروق في هذه الأشياء، فلا نستطيع الجلوس معه إلا وقتا قليلا جدا؛ لأنه يستيقظ قرب العصر، فلا نقضي النهار معه، ويقضي هو الليل بمفرده للعب!
أشعر ناحيته بالجفاء التام، فلا يساعدني في البيت، ولا يجلس الوقت الكافي مع ابنته، ولا أسمع منه كلمة طيبة، إلا يسيرا جدا، ولا حتى اللمسة الحانية، ولا الدعم النفسي، فأنا أشعر في البيت بالضغط والغربة. فكرت كثيرا بالانفصال.
فهل لي الحق في ذلك؟
مع العلم أننا في الغربة، والزوجة تكون في أشد الحاجة لسند نفسي، وتحتاج المساعدة في المنزل، والعناية بالأطفال والحنان من الزوج، لكني لا أجد ذلك.
وقد تكلمنا كثيرا في هذه الأمور لكن دون جدوى، فهو مدمن للألعاب الإلكترونية، ويرى أن عدم حبه لأعمال البيت سبب وجيه لعدم المساعدة. وأنه يجب أن يرتاح في أيام العمل في الإجازات، فيقضي أغلب عطلته في هذه الراحة، منشغلا عنا باللعب!
من شدة تأثري نفسيا بدأت أحلم أثناء النوم أنني سوف أتزوح من شخص آخر، وهذا يزعجني ويقلقني كثيرا أيضا، وأخشى على نفسي الفتنة!
وفكرت أيضا في تأجيل الحمل الثاني بسبب حياتنا غير المستقرة، أخشى إن قررت الانفصال أن أتعب من تربية طفلين بمفردي، أو حتى عدم قدرتي على الإنفاق على نفسي؛ لأني قد أضطر للعمل بعد الانفصال وهذا سيكون صعبا، مع وجود رضيع.
فهل آثم على تأجيل الحمل الثاني حتى تستقر الأمور بيننا، أو نقرر الانفصال، مع العلم أنه يرغب في الكثير من الأطفال؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل المولى العلي القدير أن يفرج همك، وينفس كربك، ويصلح ما بينك وبين زوجك، وييسر لك العيش معه في سعادة وهناء.

والشرع الحكيم قد أمر الأزواج بحسن عشرة زوجاتهم، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، ويدخل في هذا اللفظ كل معنى جميل، ومعاملة حسنة من الزوج لزوجته.

قال الشيخ السعدي عند تفسيره الآية المذكورة: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ.

فإن كان زوجك على الحالة التي ذكرت من الجفاء في المعاملة، فهو مخالف لهذه التوجيهات الربانية. وراجعي الفتوى: 55015 فقد أوضحنا فيها حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم مع نسائه، وملاطفته لهن، ومشاركته لهن في خدمة البيت، وهو القدوة والأسوة صلى الله عليه وسلم.
والأصل أنه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق إلا إذا كان لها في ذلك مسوغ شرعي، وسبق بيان هذه المسوغات في الفتوى: 37112 فإذا كنت متضررة ضررا بينا من هذه المعاملة التي تجدينها من زوجك، فمن حقك طلب الطلاق، وقد يكون من السهل أن تطلب الزوجة الطلاق ويستجيب لها زوجها فيطلقها، ولكن لا يتحمل الزوجان تبعات تشتت الأسرة وضياع الأولاد.

ولذلك نقول: قد لا تكون المصلحة في الطلاق، بل في خلافه، وصبر كل من الزوجين على الآخر والحوار بينهما، والسعي في الإصلاح بالاستعانة بالله -عز وجل- أولا، ودعائه، ثم الاستعانة بمن يرجى أن يكون له دور في الإصلاح.

وبخصوص تأخير الإنجاب: فإنه جائز ما دام لمصلحة معينة، ولفترة مؤقتة، ولكن يشترط أن يكون باتفاق الزوجين؛ لأن لكل منهما حقا في الإنجاب، وراجعي لمزيد الفائدة، الفتوى: 119633.

ونؤكد في الختام على ما ذكرنا من التفاهم والحوار بينكما، والعمل على تحقيق كل ما يكون سببا للحفاظ على الأسرة قوية متماسكة، ويؤمن معه الفراق وتأثر الأولاد بذلك.

وإذا رأيت أنك في حاجة لمزيد من النصح والتوجيه، فيمكنك الكتابة لقسم الاستشارات بموقعنا على هذا الرابط:

https://islamweb.net/ar/consult/

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني