الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كتابة الأم لبنتها حصتها من البيت

السؤال

توفي أبي -رحمه الله- وتركني أنا وأخي أطفالا.
وكانت أمي -جزاها الله خيرا- هي معيلنا الوحيد. أبي -رحمه الله- ترك لنا بيتا في طور الإنشاء غير قابل للسكن، وأراض فلاحية تركها جدي -رحمة الله عليه- لم تقسم بين ورثته، وبيتا لجدي في نفس الحالة.
عند بيع بيت جدي، أخذت أمي نصيب أبينا: 50 مليون سنتيم مغربي، وأضافت له 30 مليونا، واشترت به ثلث بيت أهلها (كي لا نبقى وحدنا) وتم الاكتتاب باسمها.
توفي أخي -رحمه الله- وليس لنا أعمام.
والآن أمي تريد أن تكتب لي نصيبها في البيت باسمي، مع حفظ التصرف إلى ما بعد الممات -أطال الله عمرها-.
سؤالي سيدي، جزاكم الله خيرا: علما أن المال المشترى به البيت ليس ملكها وحدها، ولي وأخي -رحمه الله- نصيب فيه.
أليس في هذا الاكتتاب وزرٌ على أمي؛ لأن لها إخوة؟
أنا مريضة مرضا مزمنا يتطلب مصاريف كثيرة، ولا أعمل، وهي تريد بهذا الاكتتاب أن تضمن لي مصدر رزق، وأنا في حاجة له، إلا أني لا أريد أن تتحمل وزرا بسببي.
حزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكتابة التي لا يراد بها تمليك العقار في حياة المالك، وإنما يراد بها التمليك بعد الممات، هي في الحقيقة وصية، والوصية للوارث ممنوعة شرعا، ومحرمة، كما بيناه في فتاوى سابقة.

جاء في شرح منتهى الإرادات: وَتَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ مِمَّنْ يَرِثُهُ غَيْرُ زَوْجٍ، أَوْ غَيْرُ زَوْجَةٍ، بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَلِوَارِثٍ بِشَيْءٍ نَصًّا، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ...
وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا لِلْوَارِثِ بِشَيْءٍ؛ فَلِحَدِيثِ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ.

(وَتَصِحُّ) هَذِهِ الْوَصِيَّةُ الْمُحَرَّمَةُ (وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ، رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ. اهـ.
فليس لأمك أن توصي لك بما تملكه من ذلك البيت إذا كان لها ورثة غيرك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني