الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إجراء عملية ربط الناقل المنوي

السؤال

أنا شاب، أبلغ من العمر 25 سنة، متزوج، وزوجتي تخاف من الولادة، وتصاب بحالة من الاكتئاب، ودائمًا تحلم بأنها ستموت إذا ولدت، ولقد استعملت أنواع منع الحمل، ولكنها تسبب لها بعض المتاعب.والسؤال: هل يجوز لي أن أجري عملية ربط الناقل المنوي؟ وقد أفاد الأطباء بأنه يمكنني استعادة قدرتي مرة أخرى لو أردت ذلك.وأشكركم على هذا الموقع المتميز.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت هذه العملية تؤدي إلى منع الإنجاب بشكل دائم، فيحرم فعلها؛ لدخول ذلك في الخصاء المنهي عنه، وراجع الفتويين: 16967 17553.

وإذا كانت لا تؤدي إلى منع الإنجاب بشكل دائم، فالذي يظهر عدم جوازها أيضًا لعدة وجوه:

الأول: أن الأصل حرمة فعل الجرح بدون موجب شرعي، فإذا بلغ الإنسان مقام الاضطرار أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة إلى فعل هذا الجرح، فإن الشرع يأذن فيه دفعًا للضرورة والمشقة، قال الشيخ الحجاوي -رحمه الله-: ويصح استئجاره لحلق شعره وتقصيره ولختان وقطع شيء من جسده للحاجة إليه، ومع عدمها يحرم ولا يصح.

وفي الفتاوى الهندية ما نصه: كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِقَطْعِ يَدِهِ عِنْدَ وُقُوعِ الْأَكَلَةِ أَوْ لِقَطْعِ السِّنِّ عِنْدَ الْوَجَعِ فَبَرِئَتْ الْأَكَلَةُ وَزَالَ الْوَجَعُ تَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْجَرْيُ عَلَى مُوجَبِ الْعَقْدِ شَرْعًا. اهـ.

فهذا النص يدل على انتقاض عقد الإجارة على الجراحة إذا زالت الحاجة إليها، لأنه لا يمكن فعل تلك الجراحة شرعًا مع عدم الحاجة إليها، وهذه الجراحة ليست ضرورية، ولا حاجة تنزل منزل الضرورة، لأنه يمكن الاستغناء عنها بالعزل عن الزوجة عن طريق استعمال العازل الطبي، إلى أن يتم علاجها من حالة الخوف من الولادة والاكتئاب.

الثاني: أنه لا يؤمن من ترتب أضرار على هذه الجراحة، ومعلوم أن الجراحة تتضمن في غالب صورها ضررًا ومخاطر قد تؤدي إلى هلاك المريض، أو تلف عضو أو أعضاء من جسده، أو إلحاق ضرر كبير به. وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك.

ولهذا شرط العلماء في جواز الجراحة ألا يوجد البديل الأخف ضررًا منها، وراجع للمزيد كتاب "أحكام الجراحة الطبية" لفضيلة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي (ص 120).

الثالث: أن هذه العملية قد تستلزم كشف العورة، وكشف العورة لا يجوز إلا لضرورة أو حاجة تنزل منزلتها، وليست هذه العملية كذلك، لما تقدم من الوجه الأول.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني