الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام المسح على خمار المرأة

السؤال

عند العمل بجواز المسح على الحجاب. فهل المجيزون للمسح على الحجاب عند عدم وجود مشقة لنزعه، ولا ضرورة. يشترطون عدم نزعه؟ وإذا نزع هل سينتقض الوضوء بذلك، أم سينتقض المسح فقط، ولا تستطيع المرأة أن تمسح عليه مرة أخرى إذا نزعته؟
وهل المجيزون للمسح على الحجاب لوجود ضرورة، أو مشقة في نزعه. يشترطون أيضا عدم نزعه بعد المسح عليه؟
وإذا نزع هل سينتقض الوضوء بذلك، أم لا ينتقض الوضوء، إنما سينتقض المسح فقط، فلن تستطيع المرأة المسح عليه مرة أخرى؟
وماذا لو انكشف بعض الشعر: هل سيأخذ حكم نزع الحجاب، وينقض الوضوء؟ وهل يشترط المجيزون للمسح على الحجاب، أن يكون الحجاب ساترا لكل الشعر وكل الرأس؟
وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمجيزون للمسح على خمر النساء من فقهاء المذاهب الأربعة، هم فقهاء الحنابلة، ويشترطون أن تكون مدارة تحت حلوقهن. ويبطلون المسح عليها بنزعها.

قال البهوتي في شرح الإقناع: (وَ) يَصِحُّ الْمَسْحُ أَيْضًا (عَلَى خُمُرِ النِّسَاءِ الْمُدَارَةِ تَحْتَ حُلُوقِهِنَّ)؛ لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى خِمَارِهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «امْسَحُوا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلِأَنَّهُ سَاتِرٌ يَشُقُّ نَزْعُهُ أَشْبَهَ الْعِمَامَةَ الْمُحَنَّكَةَ. انتهى.

وانكشاف بعض الرأس لا يضر، ما لم يفحش المنكشف، فيضر، وتبطل بذلك الطهارة.

قال البهوتي في شرح الإقناع: (وَمَتَى ظَهَرَ بَعْضُ قَدَمِهِ بَعْدَ الْحَدَثِ، وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) فَحُشَ أَوْ لَا (أَوْ) ظَهَرَ بَعْضُ (رَأْسِهِ وَفَحُشَ) مَا ظَهَرَ (فِيهِ) أَيْ: فِي الرَّأْسِ فَقَطْ: اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ، لِبُطْلَانِ مَا قَبْلَهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ أُقِيمَ مَقَامَ الْغَسْلِ أَوْ الْمَسْحِ، فَإِذَا أَزَالَ الْمَمْسُوحَ بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ فِي الْقَدَمِ أَوْ الرَّأْسِ، فَتَبْطُلُ فِي جَمِيعِهَا لِكَوْنِهَا لَا تَتَبَعَّضُ، وَسَوَاءٌ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ أَوْ لَمْ تَفُتْ.

وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّ انْكِشَافَ يَسِيرٍ مِن الرَّأْسِ لَا يَضُرُّ، قَالَ أَحْمَدُ: إذَا زَالَتْ عَنْ رَأْسِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، مَا لَمْ يَفْحُشْ،؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ. انتهى.

وأما ابن حزم فلا يشترط مشقة النزع، بل يجيز المسح على كل حائل، ولا يبطل الطهارة بنزع الممسوح عليه.

قال في المحلى: وَكُلُّ مَا لُبِسَ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ عِمَامَةٍ، أَوْ خِمَارٍ أَوْ قَلَنْسُوَةٍ، أَوْ بَيْضَةٍ أَوْ مِغْفَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: أَجْزَأَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِ عِلَّةٍ. انتهى.

وقال أيضا: وَمَنْ مَسَحَ كَمَا ذَكَرْنَا عَلَى مَا فِي رِجْلَيْهِ، ثُمَّ خَلَعَهُمَا، لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ وُضُوءٍ وَلَا غَسْلُ رِجْلَيْهِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كَمَا كَانَ، وَيُصَلِّي كَذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَسَحَ عَلَى عِمَامَةٍ أَوْ خِمَارٍ ثُمَّ نَزَعَهُمَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ وُضُوءٍ وَلَا مَسْحُ رَأْسِهِ بَلْ هُوَ طَاهِرٌ كَمَا كَانَ، ويصلي كذلك. انتهى.

وإذا علمت هذا، فهذان مسلكان للعلماء. والذي نختاره ونفتي به هو مذهب الحنابلة، الذي قدمنا لك تفصيله، وهو أحوط وأبرأ للذمة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني