الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قراءة قصص الغزل والتي تتحدث عن الخمر... رؤية شرعية

السؤال

أنا أحب القراءة، وأحرص أن أختار كتبا تفيدني؛ مثل كتب تطوير الذات، والكتب الدينية، وغيرها. وعندما أختار روايات أحرص أن تكون ذات هدف ورسالة، ولكني أريد قراءة الروايات البوليسية، وأن أضع نفسي مكان المحقق، وأحل الألغاز.
فعندما بحثت عن روايات بوليسية وجدت أن الأغلب ينصح في كتب اجاثا كريستي، لكنها قد تضع أحيانا حدثا فيه شرب الشخصيات للخمر، وتذكر أحيانا أن هناك علاقة محرمة، لكن حسب ما رأيت لا تصف الموضوع، ولا تتعمق فيه، ولا تصف مشاعر الشخصيات وغيره.
فقط تقوله بشكل سطحي، وكله ليدعم حل القضية، ولا تدعو إلى فعل ذلك.
فهل قراءة هذه الروايات محرمة؟ وهل هنالك بدائل؟ وأيضا هل يمكن أن تخبروني متى تكون الرواية محرمة؛ لأنه ومهما كانت فكرة الرواية قد يضعون فيها شخصية معجبة بأحد، لكن طبعا دون تجاوز الحدود، فلا أستطيع التمييز إن كانت محرمة أم لا؟
وهذا يحيرني فعلا. فما حكم ذلك؟
وجزاكم الله الخير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمجرد ذكر الخمر أو الغزل، ونحو ذلك، لا يلزم منه حرمة القراءة، أو المنع منها، فقد تذكر هذه الأمور على سبيل الذم، وقد تذكر بطريقة عارضة لا تؤثر في نفس القارئ أثرا سيئا، ولا تدعوه إلى منكر أو رذيلة، والذي نراه معتبرا هو طريقة ذكر هذه الأمور وأثرها في نفس القارئ، فإن كانت تؤدي إلى فتنة أو ضرر، أو تدعو إلى فحش أو منكر، كان المنع منها ظاهرا، وإلا فلا يُحكَم بحرمتها.

وقد كانت أشعار العرب التي تناشدها أهل الجاهلية والإسلام لا تخلو من نحو هذه الأمور، ويتأكد هذا عندما يكون الأمر عارضا لا مقصودا أصليا، وحين يخالطه من المقاصد الحسنة ما يقربه من الحق، ولذلك قال التوربشتي في شرح مصابيح السنة: ما كان من الشعر في مدح الحق وأهله، وذم الباطل وذويه، أو كان فيه تمهيد لقواعد الدين، أو إرغام لمخالفيه؛ فإنه خارج عن القسم المذموم، وإن خالطه النسيب وتساوقه الغزل. وقد كان ينشد بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا القسم وهو في المسجد، فلا ينهى عنه، لما يعلم في إنشاده من الغرض الصحيح والقصد المستقيم. اهــ.

ومثل ما يقال في الشعر، يقال في سائر كتب الأدب والقصص ونحو ذلك، وراجعي للفائدة الفتويين: 38746، 137065.

ولسنا نقرر ذلك للدعوة إلى قراءة مثل هذه القصص، أو الترويج لها، وإنما فقط لبيان أصل الحكم، ويبقى بعد ذلك الفضل للفاضل، فلا تستوي هذه القصص مع قصص الأنبياء والأولياء، ثم الأمثل فالأمثل من الصلحاء، فضلا عن قراءة القرآن وكتب السنة والعلم الشرعي.

كما لا يستوي الجد مع الهزل، ولا الحق مع اللهو، فإذا أخذ المرء حظه من الحق والجد، فلا بأس أن يروح عن نفسه بشيء مناسب من القصص ونحوها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني