الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتابة الواجبات الدراسية عن الوالد من الغش

السؤال

أعيش في السويد، وأبي يدرس في مدرسة، وأبي عمره فوق الأربعين، يدرس اللغة السويدية في مدرسة عن بعد، لا يوجد فيها أي مراقبة سوى موعد للكلام مع المعلمة، يمكن للمعلمة فيه أن تسأله عن وظائفه إن شاءت، وإن شاءت لا، والحمد لله قد تكلم أبي مع المعلمة ولم تسأله عن شيء.
أبي وأمي حنونان جدا، وأمي تحفظ القرآن، وقد حفظتني إياه، ولكن وقعت بيننا مشكلة كبيرة بخصوص دراسة أبي: فقد كانت لديه وظيفة شفهية، حينها كتبت لأبي ما يقول، لكنّه لم يتدرّب عليه إلا في يوم قبل اليوم الأخير لموعد تسليم الوظيفة (مع العلم أن أبي لديه مشاغل)، وحينها غضبت وأخطأت في حق أبي، وصرخت وقلت له إنّه يجب أن يجتهد، وأنّ هذه دراسته هو وليست دراستي حتى أقدّم عنه الوظائف والامتحانات، وأن هذا يعتبر غشا، فقال لي إنّه سيتوقف عن ذلك حين ينتهي من هذه المادة (بعد حوالي أسبوع)، وأنه يدرس فقط ليرضي أمي (فقد كانت تطلب وتلح عليه أن يدرس، خاصة في أوقات كورونا التي قلت فيها الامتحانات)، وقال إنه يريد أن أستمر بكتابة الوظائف له كما فعلت في المادّة قبلها (حينها كتبت له تقريبا كل الوظائف)، فقلت له إن هذا التأجيل للتوبة يكون تربّصا، كما في سورة الحديد: (ولكنّكم فتنتم أنفسكم وتربّصتم) وأنّني لا أريد أن أتربّص وأكتب عنه وظائفه وامتحاناته بعد هذا، بل فقط أساعده فيها، وقلت له إننا سنكتب الوظيفة القادمة مع بعضنا.
فأوقفتني أمّي عند حدّي في الكلام، وقالت إنّها تريدني أن أبدأ بالوظيفة وحدي، فرفضت بصوت منخفض بقولي: أمي، الأمر لا يصح هكذا. فقالت إنها لا تريد أن ترى وجهي، واليوم مرة أخرى عند صلاة الفجر قالت لي أمّي أن أكتب له الوظيفة، ولن يسلّمها إلا بعد قراءتها، ودعت علي أن أفقد كل علمي، وقالت إنني عاقة، وستظل تدعو علي، وسوف ترسلني وحدي إلى بلدنا؛ لأعيش مع جدي وجدتي؛ لأنها لا تستطيع تربيتي، فرفضت أن أكتب الوظيفة وحدي، وتوسّلت الى أبي أن يكتبها معي، فقال إنّه سيغيّر فيها قدر الإمكان قبل أن يرسلها، وأنّني مكرهة. وأنّه ليس في عملي كسب للنّقود ولا مضرّة للغير، وأنّه أصلا لا توجد مراقبة، مع أنّ الجميع يعلم أن الناس تغش في الدراسة عن بعد.
فأرجوكم أرشدوني ماذا أفعل؟ هل يصحّ أن أكتبها له؟ ولديه امتحان قبل انتهاء المادّة (دون مراقبة) هل يصح أن أساعده فيها؟
قبل هذا ساعدت أمّي في دراستها؛ لأنّها أفهمتني أنها مضطرّة، لكنّ أبي ليس مضطرّا.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكتابة الوظائف والواجبات الدراسية المطلوبة من الغير، ليقدمها على أنّه قام بها بنفسه؛ نوع من الغش.

والأصل أنّ الغشّ محرّم في جميع الاختبارات والواجبات، سواء توقف على تلك الاختبارات والواجبات الحصول على الشهادة، أم كان الاختبار والواجب لمجرد قياس درجة تحصيل الطالب، وانتفاعه بما درسه؛ وراجعي الفتوى: 366115
وعليه؛ فلا يجوز لك كتابة الواجبات عن والدك ليقدمها على أنّه كتبها بنفسه، ولا طاعة لأبيك أو أمّك في هذا الأمر؛ لأنّ الطاعة لا تكون إلا في المعروف، لكن عليك الإحسان إلى والديك، واجتناب الإساءة إليهما بقول أو فعل.
فأعيني والدك في دراسته حتى يقدر على كتابة واجباته بنفسه، وإذا سألك الكتابة أو أمرتك أمّك بذلك؛ فاعتذري لهما برفق وأدب، وبيني لهما حكم الشرع، وأطلعيهما على كلام أهل العلم في تحريم الغش، واستعيني بالله واصبري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني