الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يباح رد العدوان بأكثر منه

السؤال

هل لا يجوز معاقبة الظالم إلا بما ما فعل؟ فهل إن شتمني يجوز ضربه؟ وإن كانت ضربة واحدة على ظهره مثلا، وليست شديدة، بل معقولة مع شخص في العمل قام برمي بعض الطوب الصغير جدا عليَّ من باب المزاح، فحذَّرته بعدم فعل ذلك، ففعل، فقمت بطرحه على الأرض، ولكن لم أره يحزن.
وما الحكم إن وقعت في مرة، وأعلم أنه يحزن، ولكن يداري الحزن في الضحك، وكأنه لم يحزن. وأيضا تعدى علي بالكلام، فقمت بشد المال من على رأسه، وضربه على ظهره ضربة ليست شديدة، وكان هو وشخص مختلفين في شيء، فناداني، وسألني فأشرت له بيدي، كأني أقول له: اصمت، ولكن ذهبت وأصلحت بينهما فإنه شخص قليل الخلق، هل أتركه يتمادى ويتطاول علي؟
فكيف المعاملة مع هذا الشخص وهو طويل اللسان تهديده مثل بأني سأضربه أو أفعل شيئا، فيرد علي، ويقول لا تقدر على ذلك، فلا ينفع معه أسلوب التهديد، ولا يرده إن رددت على الإساءة، بل يفعل غيرها، وإن سكت عنه، وتجاهلته أظن أنه سوف يتمادى، وأيضا إن أخطأ في الكلام فقلت له انتبه لكلامك، وأنت تتكلم أكثر مما تأكل. فما حكم هذا؟ هل عليَّ إثم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي نراه للسائل أن يتجنب مثل هؤلاء الأشخاص، ما أمكنه ذلك. فإن تعامل معهم، فليكن ذلك بالعدل كما أمر الله، فقال: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة: 194] وقال: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل: 126].
وهذه المثلية لا تتحقق بضرب الشاتم، بل لا تتحقق بالزيادة على شتم الشاتم، قال الحافظ ابن رجب في شرح حديث لبيك: العُدوان: هو مُجاوزة الحدود وتعديها فيما أصلُه مباح، مثل أنْ يكون له عند أحدٍ حقٌّ من مال أو دم أو عرض، فيستوفي أكثر منه. فهذا هو العُدوان، وهو تجاوز ما يجوز أخذه فيأخذ ما له أخذه وما ليس له أخذه، وهو من أنواع الربا المحرَّمة. وقد ورد: السَّبَّتَان ‌بالسَّبة ربا. اهـ.

وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة مرفوعا: إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق، ومن الكبائر السبتان بالسبة. وصححه الألباني في صحيح الترغيب.

قال الصنعاني في شرح الجامع الصغير: أي مقابلة من سبك بكلمة واحدة من السب بالسبتين، وإنه جور وظلم، إنما يباح لك من العقاب ما قال الله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ. اهـ.

وقال العظيم أبادي في عون المعبود: أي سبتان عوض سبة واحدة، مثلا قال رجل لآخر: يا خبيث. فأجابه: يا خبيث يا ملعون. اهـ. وانظر للفائدة الفتوى: 54580.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني