الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تؤدي حق ربها حتى تؤدي حق زوجها

السؤال

ما الحكم والنصيحة لمن يتمسك بالسنن ويترك الفرائض، كالذي يقوم بالتسبيح وأذكار الصباح والمساء، ويأكل حقوق الناس، ولا يقوم بواجباته تجاه زوجته، أو الزوجة تجاه زوجها.
على سبيل المثال لا الحصر: زوجة تصلي وتكثر قراءة القرآن، ولا تكلم زوجها أغلب النهار؛ لكونها تقوم بالتسبيح والاستغفار طول الوقت.
وإذا كلمته ترفع صوتها عليه وتشتمه، وتقلل من شأنه، وتمتنع عن فراش الزوجية بحجة أنها أفضل منه، وتستكثر نفسها عليه، وتعيبه بحسبه ونسبه، وتذكر أن نسبها أفضل، ولا تقوم بأي واجب تجاهه مهما صغر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في فتاوى سابقة، الترابط الوثيق بين العبادة وبين الأخلاق، وأداء حقوق الناس، كما في الفتوى: 313177 عن الترهيب من إيذاء الناس ولو أكثر المؤذي من العبادات، وذكرنا فيه حديث المرأة التي كانت تصوم وتصلي وتؤذي جيرانها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هي في النار.
ولا شك أن المرأة التي تشتم زوجها وتهينه، وتمتنع من فراشه، لا شك أنها عاصية مفرطة فيما أوجب الله عليها ولو كانت تكثر الذكر والصلاة، وربما كان نشوزها سببا في عدم قبول طاعاتها، فحق الزوج على زوجته كبير، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة لن تؤدي حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ففي الحديث: لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا، وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ، لَمْ تَمْنَعْهُ. رواه ابن ماجه وابن حبان والبيهقي في السنن الكبرى.

ومعنى: (لا تؤدي المرأة حق ربها) كما قال شراح الحديث أي: لا يقبل منها حق الله -تعالى- إذا فعلت حق القبول (حتى تؤدي حق زوجها) لأن الله -تعالى- ساخط عليها، ولو فعلت حقه، ما دام زوجها ساخطًا عليها؛ وقال عليه الصلاة والسلام لامرأة: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟» قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟» قَالَتْ: مَا آلُوهُ، إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ» رواه أحمد في المسند والنسائي في السنن الكبرى وغيرهما.

كما أن عيبها على زوجها نسبه، وتفضيل نسبها على نسبه. هذا من الأخلاق المذمومة، وقد بينا في فتاوى سابقة أن تحقير الناس في أنسابهم والافتخار بالنسب، كل هذا من أخلاق أهل الجاهلية، فانظر الفتوى: 266809، والفتوى: 202114. فالواجب على تلك المرأة أن تتقي الله -تعالى- وأن تؤدي حق زوجها، وإن كانت ترى أن زوجها مقصر في حقها، فلتسلك في طلب حقها الطريق الشرعي، لا أن تشتمه وتهينه وتحقر نسبه وتتفاخر عليه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني