الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل حب الدنيا أكثر من الآخرة كفر؟ وإذا كانت كفرا، فهل هي كفر بإطلاق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذم الله الدنيا، وزهد فيها، وبين أن الرضا بها، والركون إليها؛ ليس سبيل الموفقين. قال تعالى: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا {النجم:29}.

والدنيا لا تذم بإطلاق، وإنما تذم لما تجر إليه من معصية الله تعالى، وإلا فهي قنطرة الآخرة، والسبيل لتحصيل السعادة الأبدية فيها، وانظر الفتوى: 162411.

وإذا علمت هذا؛ فإن مجرد حب الدنيا لا يكون كفرا، إلا إذا أوقع في الكفر، فمن ارتكب الكفر -والعياذ بالله- بسبب حبه للدنيا، وتقديمها على الآخرة؛ فهذا هو الكافر المخلد في النار، كالذين قال الله فيهم: أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ {البقرة:86}.

وأما من لم يبلغ حب الدنيا في قلبه أن يوقعه في الكفر، بل أوقعه في المعصية، فعليه إثم ما ارتكبه، فإن تاب؛ تاب الله عليه. ولم يذكر أحد من العلماء في بيان ما يوجب الردة أن من ذلك حب الدنيا.

فالمعتبر هو نوع الحب، وما يؤدي إليه، فمن أحب الدنيا لكونه يعبد الله فيها، ويعمرها بطاعته؛ فهو على خير، ومن أحبها وتمتع بما فيها من المباحات، فلم يخرج عن واجب، ولم يقع في محرم؛ فهذا لا له، ولا عليه. ومن أوقعه ذلك الحب في مخالفة؛ فحكمه بحسب ما وقع فيه من تلك المخالفة.

والواجب على المسلم أن يجعل الآخرة أكبر همه، وغاية قصده، وأن يعلم أنه لم يخلق لهذه الدنيا، بل هي مجرد مرحلة سيتجاوزها -ولا بد-، وينتقل إلى ما وراءها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني