الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموهوب له يمتلك الهبة بالحيازة

السؤال

فضيلة الشيخ: جدي لوالدي رحمه الله كان له ولدان وثلاث بنات، زوج عمتي الكبرى سنة 1950 وأعطاها مبلغا كبيرا وقتها 160 جنيها، وهو ما يوازي فدان من الأرض الزراعية وقتها لمساعدتها في زواجها، سنة 1970 تزوج والدي ولم يساعده في زواجه بأي مبلغ، سنة 1972 تزوجت عمتي الوسطى وساعدها بمبلغ حوالي600 جنيه (قد يقل أو يزيد قليلاً )، وهو ما يوازي تقريباً ثمن فدان من الأرض الزراعية، سنة 1973 توفي عمي في الحرب مع اليهود (نحتسبه شهيدا عند الله سبحانه وتعالى)، وكان عمر جدي وقتها 73 سنة، سنة 1975 تزوجت عمتي الصغرى وساعدها بمبلغ حوالي600 جنيه (قد يقل أو يزيد قليلاً)، وهو ما يوازي تقريباً ثمن فدان من الأرض الزراعية، سنة 1975 أعطت الدولة لجدي مبلغ وقدره 7000 جنيه كمكافأة أو كدية عن وفاة عمي في الحرب، في تلك الفترة كان والدي ووالدتي يعملان بمنطقة بعيدة عن مكان إقامة جدي وكان راتبهما في تلك المنطقة يزيد عن راتبهما في مكان إقامة جدي حوالي مرة ونصف ولما مات عمي وبناء على رغبة جدي في وجود والدي بجواره لرعايته فقام والدي على الفور بنقل عمله لمكان إقامة جدي ويعلم الله أنني أحسب والدي كان باراً بجدي حتى وفاته سنة 1992، سنة 1975 أعطى جدي لوالدي مبلغ ال 7000 التي حصل عليها جدي كمكافأة لوفاة عمي في الحرب وذلك لعدة أسباب كما قال ذلك جدي منها:1- أنه لم يساعده في زواجه. 2- تعويضاً له عن انخفاض مرتبه هو ووالدتي عند نقلهما بناء على رغبة جدي.3- ليقوم بعمل مشروع يساعده.4- ليكون بجواره تخفيفاً لحزنه على وفاة عمي.5- ليقوم برعاية أرض جدي والأشراف عليها حيث كانت مساحتها كبيرة، أخذ والدي المبلغ الذي كان يوازي حوالي 10 أفدنه من الأرض الزراعية وقام بشراء 14.5 فدانا وسدد من إيراد الأرض باقي الثمن، تلك الأفدنه (14.5) بالإضافة لما كان يمتلك جدي(20 فدانا) كانت في حيازة جدي الفعلية حيث كان هو المتصرف في إيراد كل تلك الأراضي مع ضعف إيراد الأراضي الزراعية وقتها، قام والدي برعاية جدي وجدتي حتى وفاتهما (أحسبه كذلك)، قام والدي بالتضحية بمنصب هام سنة 1983 ليرعى جدي، قام جدي سنة 1984 بكتابة البيت الذي يسكن به جدي باسم والدي، توفي جدي سنة 1992 عن عمر 92 سنة، تم توزيع باقي تركة جدي (20 فدان) حسب نصيب الميراث الشرعي لكل فرد، لم تطالب أي من عماتي بتلك الأرض إلا بعد وفاة جدي بحوالي 9 سنوات، فضيلة الشيخ أفتونا فيما يلي:أولاً: حكم الهبة التي أعطاها جدي لوالدي 7000 جنيه، فلقد أفتاني بعض العلماء بجواز ذلك على أساس أنها هبة مسببة، وأفتاني بعض العلماء بعدم جواز ذلك لأن جدي لم يهب لعماتي مثل أو ما يقارب ما وهبه لوالدي.
ثانياً: إذا كانت الفتوى بعدم جواز ذلك فهل.1- يتم توزيع أصل المبلغ 7000 جنيه على الورثة.2- يتم حساب قيمة النقود ذهب بسعر وقتها وتوزيع كمية الذهب على الورثة.3- يتم توزيع جملة الأرض (14.5 فدان) بالتساوي.4- يتم توزيع جملة الأرض (14.5 فدان) حسب الميراث الشرعي لكل فرد.5- يتم توزيع الـ 10 أفدنه وهي أصل الأرض قبل سداد ثمن الباقي من الإيراد.6- أن يقوم والدي بحساب ما يوازي مصاريف زواجه ومصاريف شراء شقة للسكن وهو ما يوازي حوالي 2000 جنيه لأن جدي ذكر أن ذلك من أسباب الهبة ويقوم بخصمه من القيمة الأصلية للهبة.7- هل ذلك على سبيل الاستحباب أم الفرض .8- هل يستفيد جدي من ذلك بعد وفاته لأنني أعلم أنه فعل ذلك وهو يظن عدم مخالفة ذلك للشرع.9- وهل يستفيد في حالة افتراضية أنه كان يعلم الحكم ومات وهو مصر على ذلك .ثالثاً: حكم كتابة المنزل باسم والدي، أفتونا أثابكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فخلاصة جواب هذا السؤال ما يلي:

المال الذي دفعه جدك لأبيك هبة سائغة فيما يظهر، وليس فيها ظلم لأنه أعطى بقية أولاده هبات كلاً حسب حاجته، وهذا التصرف كافٍ في رفع وصف الجور في هبة الوالد لأولاده، بل لو أفرد الوالد ولده بهبة لمسوغ لكان ذلك جائزاً، وراجع في هذا الفتوى رقم: 14254.

والموهوب له يمتلك الهبة بالحيازة ومن الحيازة التي تفيد الملك تصرف الموهوب له في الهبة بيعاً وشراء، جاء في شرح مختصر الخرشي على خليل: من شرط صحة الاعتصار للهبة (الرجوع عنها)، أن لا تفوت من عند الموهوب له ببيع أو غصب. انتهى.

وقد قام أبوك بشراء الأرض من المال الذي وهبه إياه جدك، وبهذا صارت الأرض المشتراة ملكاً لأبيك وليس للورثة فيها حق، وإنما حقهم فيما تركه جدك من أرض تخصه، فيقتسمونها مع أبيك حسب أنصبتهم الشرعية.

وأما البيت الذي سجله جدك باسم أبيك فيقال فيه ما قيل في الأرض وحيازته تكون بنقل ملكيته إلى أبيك في الأوراق الرسمية أو بما تعورف عليه أنه حيازة.

وبقيت هنا مسألة لم يتعرض لها السائل وهي أن جده أخذ الدية التي دفعتها الدولة له عن ابنه المقتول، وهذه الدية تعتبر ميراثاً للابن المتوفي تأخذ منه أمه السدس فرضاً والباقي للأب تعصيباً، والإخوة محجوبون بالأب، وهذه القسمة في حال ما إذا لم يكن للابن المقتول وارث غير ما ذكر.

فإذا كان جدك وجدتك دفعا هذا المبلغ هبة لوالدك فالمسألة على حالها الذي سبق ذكره، وإن لم تك جدتك دفعت نصيبها لوالدك فإن سدس تلك الدية يعود تركة لجدتك فينظر في من ورثها عند موتها ويعطى له.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني