الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا سيدة متزوجة منذ 15 سنة، ولدي طفلان، مشكلتي مع زوجي منذ بداية زواجنا، كنت ألاحظ عنده برودا جنسيا، وكنت لا أعير الأمر اهتماما. ومع مرور السنوات، ومنذ أكثر من خمس سنوات اكتشفت أنه على علاقة مع الرجال، وخصوصا مع المراهقين.
وبدأت أتحرى وأشك إلى أن جاء يوم، ورأيت في هاتفه كل الحوارات مع عدد من المراهقين، وبعض منهم فعل معهم الفاحشة، وكان أغلب الحالات هو مفعول به، وواجهته بهذا الأمر، وأنكر بالطبع، أنا لم أصدقه، أردت الطلاق، ولكن أولادي متعلقون بأبيهم، وأهلي لا يعرفون أيّ شيء عن هذا الأمر، ولا حتى أهله إلى أن جاء اليوم الذي اكتشفوا في عمله بهذا الأمر، وأدخل السجن بقضية تحريض قصّر على فساد الأخلاق، وعند خروجه من السجن بالبراءة المزعومة، أنكر ذاك كله، ولكن وعدني بأن يلتزم بالصلاة، وهو كذلك، ولكن ما زلت أشك أنه لا يزال يفعل الحرام، وهذه المرة قلت له إنني أقرف منه، ولا أريده أن يلمسني، ولا يكلمني. أنا باقية في بيته من أجل أولادي فقط.
سؤالي هو: نحن في شهر رمضان. هل يُقبل صومي، وأنا مخاصمته، ولا أتكلم معه أبدا؟ وهل عليّ إثم لمنعي إياه حقه الشرعي؟
مع العلم أننا لا ننام في غرفة واحدة منذ أشهر. أفيدوني أرجوكم ما هو الحل الذي أقوم به؟
أحيطكم علما بأنني طلبت منه الذهاب عند أخصائي نفساني، فهذا مرض، ولكنه لا يزال ينكر، ويتحرى الكذب، لهذا منعته نفسي؛ لأنه لا يزال في علاقاته بالرغم من مواظبته على الصلاة. فهل من حل؟
ولا يزال أهلي لا يعرفون بهذا الأمر. عند طلاقي ماذا أقول وهو في نظرهم الزوج الشهم، إلا إخوته فأخبرتهم عند دخوله السجن بحقيقته، وتكلموا معه، وبدون فائدة.
أرجو الرد على أسئلتي، ولكم مني فائق التقدير والاحترام على سعة صدركم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله -عز وجل- أن يصلح حال زوجك، ويصلح ما بينك وبينه، ويحفظ للأسرة استقرارها، وتماسكها، ويجعل البركة في ذريتكم.

ويتبين من خلال ما ذكرت أن الأمر قد قام في الأساس على شك وسوء ظن، وقادك ذلك إلى التجسس، ولا يجوز التجسس بمجرد الظن إلا إذا كانت هناك أمارات وآثار تدل على ارتكاب معصية أو جريمة يخشى فوات استدراكها بعدم التجسس ونحو ذلك من الأسباب، وانظري تفاصيل ذلك في الفتوى: 30115، والفتوى: 70169.

ولا يجوز لك هجره، أو الامتناع عن إجابته للفراش، فإن المرأة مطلوب منها شرعا إجابة دعوة زوجها إلى الفراش، وعدم الامتناع إلا لمسوغ شرعي، وراجعي الفتوى: 242884.

ووجود هذه الرسائل قد تكون مؤشرا لنوع من المرض النفسي، والحل ليس في الهجر، ولكن بأن تعيني زوجك في سبيل التخلص من هذا الميل والشعور، ومن أفضل العلاج المحافظة على الصلاة، فقد قال الله سبحانه: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:45}.

هذا بالإضافة إلى بقية الأعمال الصالحة التي تزيد الإيمان؛ كالذكر، وتلاوة القرآن.

ومن الأفضل أن تجتمعي وزوجك والأولاد في حلقة للتعلم، وتلاوة القرآن، ويمكن الاستفادة من كتاب رياض الصالحين لقراءة بعض الأحاديث. فجانب التربية الإيمانية من أحسن سبل العلاج، وإن تبين أنه في حاجة لمعالج نفسي، وأمكنك إقناعه بالذهاب إليه، فهو أمر حسن، وينبغي تحري الثقات وذوي الخبرة.

وننبه إلى أهمية حسن العشرة بين الزوجين، وقيام كل منهما بما يجذب الآخر إليه من الزينة، والطيب، والملاطفة، ونحو ذلك؛ ليشبع كل منهما غريزة الآخر العاطفية، ورغبته الجنسية، فلا يلتفت إلى تحقيق ذلك من طريق غير مشروع، ولا يرضي الله تعالى.

وبقي أن نجيب عن سؤالك عن قبول صومك مع مخاصمتك لزوجك، فنقول: إن أمر القبول من عدمه إلى الله -عز وجل-. وما يمكننا قوله هو أن هذه المخاصمة لا تؤثر على صحة الصوم؛ فقد ذكر أهل العلم مفسدات الصوم، وهذه ليست منها، وكذلك المخاصمة ليست مانعا من القبول، والمرجو أن يكون صومك مقبولا بإذن الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني