الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقد التسبيح بالأنامل أولى وألصق بالبدن من العد بالمسبحة ونحوها

السؤال

في الحديث الشريف: عن عبد الله بن عمرو بن ‏العاص -رضي الله عنهما- قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد ‏التسبيح -قال ابن قدامة-: بيمينه. رواه أبو داود.
والحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا نساء المؤمنات: عليكن بالتهليل، والتسبيح، والتقديس، ولا تغفلن ‏فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل؛ فإنهن مسؤولات مستنطقات" رواه أحمد ‏وأبو داود والترمذي، والحاكم، وحسن إسناده الإمام النووي في الأذكار، وجود ‏العراقي إسناده في تخريج الإحياء.
قال الشوكاني: (مسؤولات مستنطقات) ‏يعني: أنهن يشهدن بذلك، فكان عقدهن بالتسبيح من هذه الحيثية أولى من ‏السبحة والحصى.
السؤال: إذا عقد التسبيح بالأنامل، فإنها تشهد له يوم القيامة.
وأريد أن أعرف: أنا الآن أمسك خاتم التسبيح وأضعه في الأصابع، وأسبح عليه بالأصابع والأنامل، وكذلك أمسك السبحة في أصابعي وأسبح عليها بالأنامل والأصابع. أليست هذه الأصابع والأنامل التي بالخاتم والسبحة وأنا أسبح بهما، هي أيضا سوف تشهد لي يوم القيامة أم لا؟
أريد أن أفهم ما الفرق: الأول تسبيح على الأنامل، والثاني تسبيح بالأنامل؟ والنوع الأول يشهد، والثاني يشهد أم لا يشهد؟
وإن كان لا يشهد لصاحبه. فلماذا وهو يضع الخاتم والسبحة في أصابعه ويسبح بالأنامل؟
وجزاكم الله -عز وجل- خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن حيث الواقع يوجد في عدِّ التسبيح: مسبَّح به، ومسبَّح عليه. فإذا عُقد التسبيح بالأنامل كانا جميعا من بدن المسبِّح، وإن عدَّ بالمسبحة ونحوها كان المسبَّح به من بدنه، والمسبَّح عليه من غيره.
وبذلك يكون العقد بالأنامل ألصق بالبدن من العد بالمسبحة ونحوها، وبالتالي يكون المستنطق في الأولى أكثر، وأوقع من الثانية. قال المظهري في شرح المصابيح: "فإنهن مسؤولات"؛ أي: فإن الأصابع بل جميع الأعضاء المكتسبة يُسأل عنها يوم القيامة بأي شيء استُعملت. وهذا تحريض على استعمال الرجل أعضاءه في الخيرات، وحفظِها عن السيئات.

قوله: "مستنطقات" أي: يخلق الله في الأعضاء النطق حتى تشهد بما عملت. اهـ.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن النص جاء في العقد بالأنامل، فبقي ما عداه محتملا لا قطعيا.

ولذلك قال الشوكاني في «نيل الأوطار»: علل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في حديث الباب بأن الأنامل مسؤولات مستنطقات، يعني أنهن يشهدن بذلك، فكان عقدهن بالتسبيح من هذه الحيثية أولى من السبحة والحصى. اهـ.
ولو كان الاستنطاق والشهادة تحصل بالمسبحة، لما كان هناك أولية من هذه الحيثية.
ولذلك أيضا قال الشيخ ابن عثيمين في «فتاوى نور على الدرب»: الأفضل من المسبحة أن يعقد الإنسان ‌التسبيح بأنامله، أي: بأصابعه؛ لأنهنّ ‌مستنطقات، كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني