الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم انتقال ولاية النكاح إلى الولي الأبعد لكون الأقرب غير كفء

السؤال

أنا امرأة غير متزوجة، فهل يجوز أن أتخطّى ابن عمّي المباشر عند عقد قِراني؛ لأنه غير كفؤ لي، وأوكّل غيره من كبار العائلة؛ لأن ابن عمّي المباشر سيئ السمعة، وغير متعلم؟ وهل هناك أسباب تبيح تخطِّي الوكيل لغيره؟ وهل يكون عقد النكاح صحيحًا في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يشترط في الوليّ أن يكون مكافًئا لموليته في العلم، أو المال، ونحوه، وليس ذلك مسقِطًا لولايته، كما لا تشترط العدالة في الوليّ، في قول الجمهور؛ لأن الفسق لا ينافي الولاية، قال العز بن عبد السلام معللًا لأصحاب هذا الرأي: ولاية النكاح لا تشترط فيها العدالة على قول؛ لأن العدالة إنما شرطت في الولايات لتزع الوليّ عن التقصير، والخيانة، وطبع الوليّ في النكاح يزعه عن التقصير، والخيانة في حق وليّته؛ لأنه لو وضعها في غير كفء، كان ذلك عارًا عليه، وعليهم، وطبعه يزعه عما يدخله على نفسه ووليّته من الأضرار، والعار. انتهى.

لكن ان كان يمنعك من الزواج بغير عذر شرعي، سقطت ولايته، وتنتقل إلى من يليه من الأولياء، على الصحيح، قال ابن قدامة في المغني: إذا عضلها وليّها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى: تنتقل إلى السلطان، وهو اختيار أبي بكر، وذكر ذلك عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وشريح، وبه قال الشافعي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن اشتجروا، فالسلطان وليّ من لا وليّ له. ولأن ذلك حق عليه امتنع من أدائه؛ فقام الحاكم مقامه، كما لو كان عليه دَين فامتنع من قضائه، ولنا: أنه تعذّر التزويج من جهة الأقرب، فملكه الأبعد، كما لو جُنَّ، ولأنه يفسق بالعضل؛ فتنتقل الولاية عنه، كشرب الخمر، فإن عضل الأولياء كلهم، زوّج الحاكم، والحديث حجة لنا؛ لقوله: والسلطان وليّ من لا وليّ له. وهذه لها وليّ، ويمكن حمله على ما إذا عضل الكل ... انتهى.

والمقصود بالسلطان الحاكم، أو من يوليه للقضاء بين الناس، وانظري الفتوى: 75540.

ولمزيد من الفائدة حول ترتيب الأولياء، وما يوجب انتقالها من الأقرب إلى الأبعد، انظري الفتويين: 129293، 43004.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني