الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإطناب في الدعاء من الاعتداء المذموم

السؤال

سمعت شيخا يقول: التفصيل في الدعاء غير مباح، وأنا أحب أن أدعو بكل ما في قلبي، فأنا تقدمت لوظيفة ينبغي للقبول بإذن الله أن يوافق عليَّ أكثر من خمسة أشخاص. فعندما أندمج في الدعاء أقول: يارب اجعل فلانا الفلاني يؤشر على ملفي بالقبول مثلا، وأعددهم. فهل هذا غير مباح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن المستحب في الدعاء أن يدعو بالأدعية الجامعة، فعن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك. أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم.

ولعل ما سمعته من ذلك الشيخ يقصد به ما ذكره بعض العلماء من أن الإطناب في الدعاء من الاعتداء المذموم المنهي عنه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: قوله: {إنه لا يحب المعتدين} وأن الدعاء ليس كله جائزا، بل فيه عدوان محرم، والمشروع لا عدوان فيه، وأن العدوان يكون تارة في كثرة الألفاظ، وتارة في المعاني، كما قد فسر [أحد] الصحابة ذلك إذ قال هذا لابنه لما قال: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها وقال الآخر: أسألك الجنة وقصورها وأنهارها وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها. فقال: أي بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النار، فقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور. اهـ.

وقال الإيجي في تفسيره: (إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ) المتجاوزين في شيء أمروا به، ومنه الإطناب في الدعاء بمثل مسألة الجنة، ونعيمها، وإستبرقها، وقصورها، وأمثال ذلك .اهـ.

وفي الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية لابن علان: وقيل: ومنه -أي الاعتداء-: الإطناب في الدعاء، فقد أخرج أحمد في مسنده أن بعض الصحابة سمع أحدًا يقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحوًا من هذا، وأعوذ بك من النار، وسلاسلها، وأغلالها، فقال له: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول إنه سيكون أقوام يعتدون في الدعاء، وقرأ هذه الآية: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} وقال: بحسبك أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.

وأخرج أبو داود أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال: أي بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنه سيكون في هذه الأمة أقوام يعتدون في الطهور والدعاء .اهـ.

وأما ما ذكرته في سؤالك: فلا يظهر أنه داخل في هذا الإطناب المقصود هنا، والأفضل أن تدعو بأن يقضي الله حاجتك، وأن ييسر لك أمرك، ويكتب لك الخير فيما يقدر لك، ونحو هذا من الأدعية.

وراجع للفائدة الفتوى: 416107.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني