الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العشق وآثاره الضارة

السؤال

أحببت شخصاً ولكني بعدها تركته لشدة غيرتي وتبت من هذه العلاقة وأجاهد نفسي في تجنب أخباره وأستودعه الله إلى أن يأذن به حلالاً طيباً إن كان فيه خيراً، لكن قلبي لا يزال يتفتت غيرةً عليه ولا أنفك أدعو ربي أن يربط على قلبي ويريحني وأُكثر من القيام والذكر والقرآن ولا زالت روحي تتمزق من ألم الغيرة فهلّا مننت علي بنصيحة تريحني وهل أنا أؤجر بعذاب قلبي هذا أم هو عقاب على ما أسرفتُ به على نفسي
وأيضاً أنا لا زلت أحبه ولكن إن كلمني أنكر حبي وأقول إني أدعو عليه حتى لا أكسر نفسي أمامه وأريه ضعفي لكني بيني وبين نفسي لا أبرح أدعو له بسجودي فهل علي إثمٌ بأني أكذب وأخبره اني أدعو عليه ولا أحبه وأريد غيره حتى لا أكسر نفسي وأنا حقيقة لا أنفك أدعو به في كل سجود وأدعو بصلاحه لي وأن لا يحرمني منه زوجاً طيباً صالحاً في الجنة إن حُرمتُ منه في الدنيا لحكمة لا يعلمها إلا الله
أرجوك أجبني عن كل تساؤلاتي فما عاد قلبي يقوى على هذا الحمل فما لي هدف ورغبة في الحياة إلا أن أُمضي أيامي برضا الله حتى ألقى الله وهو راضٍ عني ويواجهني مع من أحببت ويخبره ما كابدته من ألم وشوق وغيرة بسببه ومن ثم يراضي قلبينا تجاه بعضنا ويجمعنا في فردوسه زوجين راضيين وننسى أسى الدنيا...

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيحرم شرعا مثل هذه العلاقة العاطفية بين المرأة والرجل الأجنبي، كما سبق وأن بينا في الفتوى: 30003.

وقد أحسنت بالتوبة منها، وهذه التوبة تقتضي ترك الرجوع لمحادثته، أو التواصل معه؛ لئلا يكون ذلك ذريعة للعودة لتلك العلاقة؛ فالشيطان للإنسان بالمرصاد.

وقد حذرنا ربنا -تبارك وتعالى- من شره فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ{النور:21}، فلا تبحثي عن البلاء بعد العافية، بل أكثري من الدعاء، وسؤال الله العافية، فإنه دعاء جامع لكل خير، وتجدين في الفتوى: 221788. جملة من الأدعية المتضمنة لذلك.

والحالة التي أنت عليها نوع من العشق، وهو مرض من الأمراض الخطيرة، يمكن أن تترتب على صاحبه آثار سيئة في دينه ودنياه، إن لم يتدراكه الله برحمته. ومع خطورة هذا المرض إلا أن علاجه ميسور لمن صدق مع الله سبحانه، ورغب في هذا العلاج، وقد سبق لنا بيان بعض سبله في الفتوى: 9360.

وما تشعرين به في قلبك من آلام وحسرات قد لا يكون عقوبة على ذنب، ونرجو أن تكون فيها كفارة لذنوبك، ورفعة لدرجاتك، إن صبرت عليها ابتغاء وجه ربك.

ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى: 18103، ففيها بيان فوائد الصبر.

ولا بأس بدعائك بأن يجعله الله لك زوجا في الدنيا والآخرة، وإن لم يتيسر زواجه منك في الدنيا، فلا تهلكي نفسك بالحسرات، فما يدريك أن يكون هذا الزواج ناجحا إن قدر له الزواج منك، وفي واقعنا المعاصر قد يحدث كثيرا أن يفشل الزواج القائم على مثل هذه العلاقات العاطفية، ففوضي أمرك إلى الله، فهو بصير بالعباد.

ولا يجوز لك الكذب على هذا الشاب، وإخباره بأنك تقومين بالدعاء عليه؛ فالكذب محرم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني