الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام استفادة المضارب من الربح قبل الحساب النهائي، ومصاريف التجارة والبضاعة الجديدة

السؤال

أعطيت مالا لأحد أصدقائي على أن يتاجر به في العطور، والربح بيننا. إلا أننا لم نفهم معنى قول الفقهاء: وليس للمضارب ربح حتى يستوفي رأس المال.
هل هذا يعني أنه يجب أن يجمع رأس المال الذي أعطيته إياه أولا، ثم ما زاد فهو الفائدة، نقتسمها بيننا.
وهنا إشكال، فقد تطول المدة، فمن أين لنا بقوت يومنا مثلا؟ وإذا باع مثلا في اليوم مبلغا فصل رأس المال، وأُخذ الربح، وقُسم بيننا؟
وإذا كان كذلك، فكيف يمكن تحديد ربح ذلك اليوم، خاصة في العطور، فهذا صعب؟
وبالنسبة لمصاريف التجارة والبضاعة الجديدة؛ هل نشتريها من رأس المال؟ أم من الربح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالقاعدة المذكورة محل اتفاق بين الفقهاء، ولا يلزم منها امتناع الانتفاع من المال قبل استيفاء رأس المال، فيجوز اقتسام ما ظهر من الربح إذا اتفق الطرفان على ذلك، لكن يكون تحت الحساب، إلى أن يعاد حساب الربح النهائي بعد استيفاء رأس المال؛ فيأخذ كل طرف ما بقي له من الربح، أو يرد ما أخذه زائدا على حقّه.

جاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية:
8/ 7- لا ربح في المضاربة إلا بعد سلامة رأس المال، ومتى حصلت خسارة في عمليات المضاربة جبرت من أرباح العمليات الأخرى. فالخسارة السابقة يجبرها الربح اللاحق، والعبرة بجملة نتائج الأعمال عند التصفية.

فإذا كانت الخسارة عند تصفية العمليات أكثر من الربح؛ يحسم رصيد الخسارة من رأس المال، ولا يتحمل المضارب منه شيئًا، باعتباره أمينا، ما لم يثبت التعدي أو التقصير، وإذا كانت المصروفات على قدر الإيرادات يتسلم رب المال رأس ماله، وليس للمضارب شيء. ومتى تحقق ربح، فإنه يوزع بين الطرفين وفق الاتفاق بينهما.

8/ 8- يستحق المضارب نصيبه من الربح بمجرد ظهوره (تحققه) في عمليات المضاربة، ولكنه ملك غير مستقر، إذ يكون محبوسا وقاية لرأس المال، فلا يتأكد إلا بالقسمة عند التنضيض الحقيقي، أو الحكمي. ويجوز تقسيم ما ظهر من ربح بين الطرفين تحت الحساب، ويراجع ما دفع مقدما تحت الحساب عند التنضيض الحقيقي أو الحكمي.

يوزع الربح بشكل نهائي بناء على أساس الثمن الذي تم بيع الموجودات به، وهو ما يعرف بالتنضيض الحقيقي. انتهى.

وبالنسبة لمصاريف التجارة والبضاعة الجديدة؛ فتدفع من الربح، أو من رأس المال، وعند حساب الربح تخصم المصاريف من الربح، فإن لم يكن ربح خصمت من رأس المال.

جاء في المبسوط في نفقة المضارب: وأما ما تحسب النفقة منه، فالنفقة تحسب من الربح أولا إن كان في المال ربح، فإن لم يكن فهي من رأس المال. انتهى.

أمّا إذا لم يحصل اتفاق بينكما بالتراضي على القسمة قبل استيفاء رأس المال، فلا حق لأحدكما في إجبار الآخر على القسمة.

جاء في زاد المستقنع في اختصار المقنع: ولا يقسم مع بقاء العقد إلا باتفاقهما. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني