الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعاء الرجل بالهداية للمرأة الكافرة، والخوف من قوله تعالى: "إنك لا تهدي من أحببت"

السؤال

أنا شاب تعرفت إلى فتاة نصرانية من لعبة فيديو، وأحببتها جدًّا، ولم نمارس أي علاقة، ولكننا تكلّمنا بكلام لا يليق في نهار شهر رمضان.
منذ فترة تبت إلى الله تعالى، ولم أعد أتكلّم مع تلك الفتاة لوجه الله، لكني لا أزال أحبّها، وبدأت أدعو الله أن يهديها إلى الإسلام، وأنا لا أريد منها شيئًا، لكني عندما أتذكّر أن مصير من يموت على غير الإسلام هو النار، أبكي عليها بكاءً شديدًا متضرعًا إلى الله أن يهديها، وتخيفني كثيرًا هذه الآية: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين)، ووالله إني لا أبتغي بدعائي إلا وجه الله، ولا أريد هدايتها لأتزوجها، أو لأتكلم معها مرة أخرى، لكني لا أريد أن تموت وهي كافرة، فهل أستمرّ في دعائي لها؟ وهل هناك ما أستطيع فعله غير الدعاء، كالتصدق عنها مثلًا؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا نحمد الله عز وجل أن وفّقك للتوبة، ونسأله سبحانه أن يتقبّلها منك، وأن يحفظك، ويحفظ لك دِينك، ويزيدك هدىً، وتقىً، وصلاحًا.

ونذكّرك بوجوب الحذر من كل ما يمكن أن يقودك للفتنة مرة أخرى بالتساهل في التواصل مع هذه الفتاة، أو غيرها من الأجنبيات؛ ففتنة النساء عظيمة، روى البخاري، ومسلم عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 4220، ففيها بيان حكم الحب قبل الزواج، والفتوى: 9360، وهي عن كيفية علاج العشق.

أما دعاؤك لها بالهداية؛ فلا حرج فيه.

وأمر هداية قلبها للإيمان من عدمها إنما هو إلى الله سبحانه، كما دلّت على ذلك الآية التي أوردتها في سؤالك؛ فالأمر في ذلك إليه؛ بمقتضى علمه وحكمته؛ فهو الذي يعلم من يستحق الهداية، ومن لا يستحقها.

فإن لم تؤمن؛ فلا تذهب نفسك عليها حسرات.

وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يحزن حزنًا شديدًا من إعراض قومه، وهو يتمنّى إيمانهم، ويرجو هدايتهم، فخاطبه الله تعالى بقوله: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا {الكهف:6}، قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: و(لعل) حقيقتها إنشاء الرجاء والتوقّع، وتستعمل في الإنكار والتحذير، على طريقة المجاز المرسل؛ لأنهما لا زمان لتوقّع الأمر المكروه، وهي هنا مستعملة في تحذير الرسول عليه الصلاة والسلام من الاغتمام والحزن على عدم إيمان من لم يؤمنوا من قومه، وذلك في معنى التسلية لقلة الاكتراث بهم.... اهـ.

وإن كنت قادرًا على مؤنة الزواج؛ فننصحك بالمبادرة إليه؛ لتعفّ نفسك، وتجنّبها أسباب الفتنة.

واحرص على البحث عن امرأة صالحة ذات الدِّين.

وإن لم يكن لك إلى الزواج من سبيل الآن؛ فاجتنب مثيرات الشهوة، واعمل على ما يصونك بالصيام، وصحبة الأخيار، وملء الفراغ بما ينفع من أمر الدِّين والدنيا، إلى غير ذلك من هذه الوسائل النافعة. ولمزيد الفائدة، راجع الفتوى: 5453، والفتوى: 305623.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني