الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفع الصوت على الوالد الظالم

السؤال

والدي لا يعمل، وهو سيئ الطباع، يضربنا، ويضرب أمّي، ولا ينفق علينا، وقد عشنا معه منذ الصغر حياة سيئة جدًّا، وكان يشتمنا بأسوأ الألفاظ؛ فلا أسكت له، وأرفع صوتي عليه؛ وذلك يؤلمني حقًّا، لا أريد أن أخطئ بحقّه، ولكنه يجبرنا بعصبيته وقسوته المفرطة أن نفعل ذلك.
أنا مخطوبة الآن، ومع ذلك يسيء معاملتي، ويوصلني لدوامي طمعًا في راتبي، وواللهِ إني لا أؤذي أحدًا، والكل يشهد لي بحسن سلوكي، وانضباطي، وأخلاقي، لكني لا أستطيع أن أكون لطيفة مع أبي الظالم؛ فلقد زرع بداخلي تعبًا نفسيًّا كبيرًا، وطفولتي كانت مظلمة جدًّا جدًّا، بل إنه لم يكن يسمح لنا باللعب نهائيًّا، فماذا أفعل؟ وكيف أتعامل معه؟ أريد إرضاء الله، ولا أستطيع أن أعامله بشكل جيد بعد تسببه بهذه المعاناة لي، فانصحوني -كتب الله لكم الأجر-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك أن ترفعي صوتك على والدك؛ فإنّ حقّ الوالد على ولده عظيم، ولا يسقط حقّه بظلمه، أو إساءته إليك -لو ثبت ذلك-؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين، اللذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.

وعقد البخاري في كتابه: الأدب المفرد، بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـرضي الله عنهماـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد.

وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.

فوصيتنا لك أن تصبري، وتستعيني بالله تعالى، ولا تسيئي إلى والدك، ولكن انصحي له برفق، أو وسّطي من ينصح له، ويذكّره بالله، ويأمره بتقوى الله، ومعاملتكم بالمعروف.

وأكثرِي من ذكر الله، ودعائه؛ فإنّ الله قريب مجيب.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني