الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شرب العسل أو عصير العنب بعد نبذه في الماء يومين أو ثلاثة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم. به نقوى، وبه نستعين.
ما حكم نبذ العسل في الماء لمدة يومين أو ثلاثة أيام وشربه. هل يعتبر خمراً؟
وهل نبذ عصير العنب ليومين أو ثلاثة. يعتبر خمراً؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنبيذ العسل كان يسمى (البِتْعِ) على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد ورد في الصحيحين من حديث عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ البِتْعِ -وَهُوَ نَبِيذُ العَسَلِ- وَكَانَ أَهْلُ اليَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ.

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ: النَّبِيذُ هُوَ مَا يُعْمَلُ مِنَ الْأَشْرِبَةِ مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. يَقُولُ نَبَذْتُ التَّمْرَ وَالْعِنَبَ إِذَا تَرَكْتُ عَلَيْهِ الْمَاءَ لِيَصِيرَ نَبِيذًا، فَصُرِفَ مِنْ مَفْعُولٍ إِلَى فَعِيلٍ، وَانْتَبَذْتَهُ اتَّخَذْتَهُ نَبِيذًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْكِرًا أَوْ غَيْرَ مُسْكِرٍ. وَالنَّبِيذُ حَلَالٌ اتِّفَاقًا مَا دَامَ حُلْوًا وَلَمْ يَنْتَهِ إِلَى حَدِّ الْإِسْكَارِ؛ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ. اهــ.

وعلى هذا، فنبيذ العسل مباح ما لم يصل إلى حد الإسكار، فإذا وصل إلى حد الإسكار حرم قليله وكثيره.

وأما هل ينبذ ليومين أو ثلاثة أيام؟ فقد وردت أحاديث في المدة التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يشرب فيها النبيذ قبل أن يصير مسكرا، ومن ذلك حديث عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سِقَاءٍ يُوكَى أَعْلَاهُ، وَلَهُ عَزْلَاءُ، نَنْبِذُهُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عِشَاءً، وَنَنْبِذُهُ عِشَاءً فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً. رواه مسلم.

وجاء في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُنْبَذُ لَهُ الزَّبِيبُ فِي السِّقَاءِ, فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ, وَالْغَدَ, وَبَعْدَ الْغَدِ, فَإِذَا كَانَ مَسَاءُ الثَّالِثَةِ شَرِبَهُ وَسَقَاهُ, فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَهْرَاقَهُ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

قال القرطبي في المفهم: والحاصل من هذه الأحاديث: أنه يجوز شرب النبيذ ما دام حلوًا؛ غير أنه إذا اشتد الحرِّ أسرع إليه التَّغَيُّر في زمان الحرِّ دون زمان البرد. فليتَّق الشارب هذا، ويختبره قبل شربه إذا أقام يومين أو نحوهما برائحته، أو تغيره، أو ابتداء نَشِيشِه، فإن رابه شيء فعل كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-. اهــ.

وأما: هل نبذ عصير العنب ليومين أو ثلاثة أيام يعتبر خمراً؟

فالجواب: لا يعتبر خمرا إلا إذا تغير فأسكر -كما يظهر مما سبق ذكره- وراجع الفتوى: 141797.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني