الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زواج الرجل من المرأة دون إذن إخوتها عند رفضهم له عدة مرات

السؤال

أنا شاب متزوج، من مواليد 1978، تقدّمت لخطبة فتاة أخرى قبل 15 سنة، وكان والدها موافقًا قبل أن يتوفى، ولكن إخوتها معارضون دون سبب، ودون أن يسألوا عني، علمًا أن إخوتها من الظلمة، ولا يهمهم مصير أخواتهم الثلاث، فلا زلن دون زواج، ومن تقدمت لخطبتها من مواليد 1977، أي أن عمرها تجاوز ال 44 سنة، وأعذار إخوتها واهية، ويرفضون دون سبب، وأنا ملتزم دينيًّا نوعًا ما، والبنت ملتزمة دينيًّا، وتنفق على الفقراء، وتعمل مشاريع الخير، والبنت تعمل معي في الوظيفة في نفس المكان الذي أعمل فيه منذ 14 عامًا.
وأغلب الناس يظنون أننا متزوجون، وعندما يتحدثون معي، يقولون لي: زوجتك فلانة، وكل الناس يعرفون أني تقدّمت لها أكثر من خمس مرات، لكن إخوتها يرفضون دون سبب.
وأدخلت رجال الدِّين والعشائر، وأساتذة جامعات، وأقرباءهم، ولكنهم يرفضون، ويتهرّبون مني، ولا يذكرون السبب، وأنا أجد رغبة في نفس البنت تجاهي، وترفض أي شخص يتقدّم لها، ومقتنعة أني زوجها في الآخرة، إن لم أكن في الدنيا.
ولم تعد للناس نية في التقدّم لها؛ لأنهم يعرفون أني أرغب فيها، وأنها ترغب فيَّ، ووقف حالنا على هذا الوضع، وكل الناس تتمنى لنا الفرح إلا إخوتها، فهل يجوز لي الزواج من البنت دون وليّ؛ حتى أكون سندًا لها في هذه الحياة، ويبقى الحال على ما هو عليه، وأستطيع رعايتها، وحمايتها، ولو من بعيد، وأستطيع التحدّث معها، والتقرّب منها، ولا أفتح بابًا للشر والفساد بسبب إخوتها؟ علما أن إجابتكم ستكون مصيرية بالنسبة لنا، وستحدد طريقنا في المستقبل، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا أتى المرأة خاطب صاحب دِين وخُلُق؛ فلا ينبغي لأوليائها منعها من الزواج منه لغير مسوّغ شرعي؛ فقد حثت السنة على تزويج الخاطب الملتزم بالشرع، روى ابن ماجه في سننه عن أبي هريرة -رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خُلُقه، ودِينه؛ فزوّجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

لكن امتناع الوليّ لغير مسوّغ؛ لا يسوغ الزواج بلا وليّ؛ فالوليّ شرط لصحة الزواج في قول جمهور الفقهاء، وهو الذي نرجّحه، ونفتي به لقوة أدلته، وانظر الفتوى: 280042.

فالحلّ في مسألتك هو أن ترفع المرأة أمرها للمحكمة الشرعية، فإذا ثبت عند القاضي ما ذكرت أنت من امتناع أوليائها من تزويجها للكفؤ بلا مسوّغ؛ زوَّجها، أو وكَّل من يزوجها، وراجع الفتوى: 309898.

فإذا تيسّر لك الزواج منها؛ فالحمد لله، وإلا فدعها، ولعل الله ييسر لها من يتزوّجها، وييسر لك امرأة غيرها لتتزوّجها، إن كنت راغبًا في ذلك.

ولا يصحّ الجزم بكونها ستكون زوجتك في الآخرة؛ فإنها إذا تزوّجت من غيرك، كان من تزوجها زوجًا لها في الآخرة، وإن لم تتزوّج، فيزوّجها الله من يشاء، سواء أنت أم غيرك؛ فليس في الجنة أعزب.

ولمزيد الفائدة راجع الفتوى: 19824، والفتوى: 247411.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني