الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتب تربوية للتعامل مع الوالدين

السؤال

أعاني مشاكل عديدة مع أهلي، وأرجو أن تدلوني كيف أعمل معهم بالتفصيل؟ وهل هناك كتاب أُلِّفَ في التعامل معهم؟ يعني سمعت أن مجادلتهم وحتى إن كان الحق معك يعد عقوقا. أنا مثلًا عليَّ دين، ووالداي يريدان مني المال، وأنا لا أقدر أن أدفع شيئا من الدين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنود أن نبين أولا أن الشرع الحكيم قد حث على أن يكون الحال بين المسلمين على الألفة والمودة، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10}، وروى البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ترى المؤمنين في تراحمهم، وتوادهم، وتعاطفهم؛ كمثل الجسد، إذا اشتكى عضوًا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى.

وتتأكد مثل هذه المعاني العظيمة في حق ذوي الرحم، لا سيما في حق الوالدين والأولاد. ولا ينبغي ترك المجال للشيطان لإفساد العلاقة، والتفريق بين الأحبة؛ فذلك من أعظم أهدافه، وأولى مراميه، وهو عدو الإنسان، قال الله -عز وجل-: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6}، وروى أحمد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قد يئس الشيطان أن يعبده المسلمون، ولكن في التحريش بينهم.

ومجادلة الوالدين بالحسنى في أمر ما؛ لا حرج فيه. فلا بأس بأن يتفاهم الولد معهما، ويبين لهما ما يريد بيانه في حدود أدب الشرع، لا على سبيل المغالبة، والانتصار عليهما، ونحو ذلك، قال تعالى: وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل:125}. وإذا كان هذا في حق عامة الناس بمن فيهم الكفار، فكيف بالوالدين.

وإذا ترتب على هذا الجدال سعي لمغالبتهما، أو صدر عنه أي تصرف يمكن أن يؤذيهما؛ فلا شك في أن هذا عقوق.

جاء في كتاب بر الوالدين لابن الجوزي: قال يزيد بن أبي حبيب: إيجاب الحجة على الوالدين عقوق. يعني الانتصار عليهما في الكلام. اهـ.

ولمزيد الفائدة راجع فتوانا: 131186. ففيها بيان ضابط العقوق.

ومن الكتب المؤلفة في بر الوالدين: كتاب بر الوالدين للإمام البخاري، وكتاب بر الوالدين لابن الجوزي الذي سبقت الإشارة إليه.

وفي كتب الآداب الشرعية تناول لهذا الموضوع بالتفصيل؛ ككتاب الآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح، وكتاب غذاء الألباب للسفاريني، وكتاب إحياء علوم الدين للغزالي، وكتاب الزواجر لابن حجر الهيتمي.

وإذا طلب منك أيٌّ من والديك مالا، فمهما أمكنك تلبية طلبه من غير ضرر يلحقك من ذلك؛ فافعل، وخاصة مع حاجته لتكسب بره ورضاه، وإن خشيت الضرر بتلبية هذا الطلب، فاعتذر له بلطف، واعمل على مداراته لتتقي غضبه، ويمكنك أن تَعِده بتلبية طلبه متى ما تيسر أمرك.

ولمزيد الفائدة راجع الفتوى: 251809. وعنوانها: ضوابط جواز أخذ الوالدين من مال أبنائهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني