الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم حصول الإيلاج لزمن يسير في نهار رمضان

السؤال

أريد أن أسأل عن حكم وكفارة إفطار نهار رمضان بسبب المباشرة باليد والإنزال، ولكن دون إدخال مع شخص محرم عليَّ، وأنا متزوجة، وبعد الإنزال تم الإدخال لثوان. مع العلم أني لا أعرف الحكم مسبقا، وإني ندمت على ما فعلته، وتبت إلى الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك في عظيم قبح ما أقدمت عليه حيث انتهكت حرمة شهر رمضان، وأقدمت على تلك الفاحشة، وأنت ذات زوج، ويعظم الجرم إن كنت تعنين بقولك "مع شخص محرم عليّ" أنه من محارمك.

وعلى أي حال، فإن الله تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فإذا تبت إلى الله تعالى، تاب الله عليك، وما دام أنه قد حصل إيلاج ولو لزمن يسير، فهذا إيلاج تترتب عليه الأحكام الشرعية من وجوب الغسل، والحد في الزنا، وفساد الصوم، وثبوت الكفارة.

قال ابن قدامة في المغني: الْأَحْكَام الْمُتَعَلِّقَة بِالْوَطْءِ تَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ. اهــ.

وقال النووي في المجموع: وَجَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجِمَاعِ يُشْتَرَطُ فِيهَا تَغْيِيبُ الحشفة بكمالها في الفرج، ولا يشرط زيادة على الحشفة، ولا يتعلق ببعض الحشفة وحده شَيْءٌ مِن الْأَحْكَامِ. وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ إلَّا وَجْهًا حَكَاهُ الدَّارِمِيُّ، وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ كَجٍّ أَنَّ بَعْضَ الْحَشَفَةِ كَجَمِيعِهَا، وَهَذَا فِي نِهَايَةٍ مِن الشُّذُوذِ وَالضَّعْفِ. اهــ.

ولا ندري ما تعنين بقولك "إنك لا تعرفينه مسبقا" هل تعنين أنك لا تعلمين فساد الصوم بالجماع؟ أم أنك تعلمين فساده، ولكن لم تكوني تعلمين بوجوب الكفارة فيه؟ وقد بينا في الفتوى: 170587. أنه ذهب الجمهور إلى وجوب الكفارة على المرأة المطاوعة، وهذا ما رجحناه في بعض فتاوانا، وانظري الفتوى: 105030.

كما بينا في الفتوى: 176421. أن الكفارة لا تسقط على من جامع جاهلا بوجوبها، أو لم يعلم أن الصوم يفسد بالجماع إلا من نشأ ببلد يغلب عليه الجهل بحيث يخفى على الناس فيه أن الجماع مفسد للصوم، على أن من الفقهاء من لا يسقطها عن الجاهل أيضا؛ كما هو مشهور مذهب الحنابلة.

قال في كشاف القناع: فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عَامِدًا كَانَ أَوْ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا. اهــ

وهذا ما نفتيك به. فالواجب عليك القضاء والكفارة المغلظة، وهي مبينة في الفتوى: 1104. وانظري أخيرا الفتوى: 131383. عن عقوبة زنا المحارم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني