الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعذّر الجمع بين طاعة الوالدين

السؤال

أرى أن أبي وأمّي متناقضان كل التناقض في أولوياتهما، وآرائهما، وحتى في طرق تربيتهما؛ ما يجعلني في وضع الخيار، فإن أرضيت أمّي أغضبت أبي، وإن أرضيت أبي أغضبت أمّي بشدة، ليس لأنهما يكرهان بعضهما، بل لتناقضهما الشديد، فماذا أفعل؟ فأبي كثير الكلام، ولا يحب أن يصرف كثيرًا، ويجعلني في وضع حرج عندما أطلب منه القليل من أجل الذهاب إلى المدرسة، ويشعرني أنني عالة عليه، كثيرة الطلبات، كما أن جلّ حديثه وأجوبته سلبية - عتاب لأمي، أو حديث عن الحالة المادية، أو كُره للذات، يضمر فيه العنف، والتشاؤم-، وهذا ما يجعلني أخاف الحديث معه.
وأمّي جادة جدًّا في البيت، ولا تعامل أبي كما يُفترض، وإن حاولت الحديث مع أبي؛ للتخفيف عنه؛ كيلا ينفر من البيت وأسرتنا؛ وجدت أمّي صارمة معي.
أنا حقًّا محتارة، وأحسّ أنني عاقّة، ولا أعلم السبيل الذي أسلكه، وأرى أحيانًا أنني سأحمّل نفسي ما لا أستطيع فعله؛ بسبب تركيزي على الدراسة، وضيق وقتي لإرضائهم، وقد تعبت فعلًا، فأرجو منكم توجيهي. أسأل الله لكم التوفيق، وسدّد الرحمن خطاكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ويوفقك لما يرضيه.

واعلمي أنّ برّ الوالدين من أفضل العبادات، وأجلّ الطاعات، وأنّ للوالدين على الولد حقًّا عظيمًا، لا يسقط بإساءتهما.

وأنّ عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ حد العقوق المحرم هو الذي يحصل به أذى شديد للوالدين، قال الهيتمي -رحمه الله- في الزواجر عن اقتراف الكبائر: كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ضَابِطِ الْعُقُوقِ الَّذِي هُوَ كَبِيرَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا إيذَاءٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ، أَيْ: عُرْفًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُتَأَذِّي. انتهى.

والأصل وجوب الجمع بين طاعة الوالدين جميعًا في المعروف، لكن إذا فرض تعذر كل سبيل للجمع بين طاعتهما معًا؛ فالراجح عندنا في هذه الحال تقديم طاعة الأمّ على طاعة الأب، وراجعي الفتوى: 430033.

فوصيتنا لك: أن تصبري، وتستعيني بالله، وتجتهدي في برّ والديك، قدر وسعك، وتستعملي الحكمة، والمداراة معهما؛ حتى تجمعي بين طاعتهما، وتلحّي في دعاء الله أن يعينك على برّهما.

فإذا فعلت ما تقدرين عليه من البرّ؛ فقد أدّيت ما عليك، وما عجزت عنه، فهو في عفو الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني