الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في حكم دفع الزوجة زكاتها إلى زوجها الفقير

السؤال

هل يمكن للزوجة أن تدفع لزوجها زكاة مالها عملاً بالمبدأ أو المقولة الأقربون أولى بالمعروف ، علماً بأن الزوج نظرياً ليس فقيرا ولكنه متعثر في تجارته ويحتاج لسيولة وصلت به إلى الاستدانة حتى يستطيع أن يستمر في تجارته أو حرفته وجزاكم الله خيراً ...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم -رحمهم الله تعالى- في جواز دفع الزوجة زكاتها إلى زوجها الفقير على قولين:

القول الأول: ذهب أبو حنيفة -رحمه الله تعالى- وبعض الفقهاء إلى أنه لا يجوز أن تدفع الزوجة زكاة مالها إلى زوجها محتجين بأن الرجل من امرأته كالمرأة من زوجها، قالوا: وقد منعنا إعطاء الرجل للزوجة، وكذلك إعطاء المرأة زوجها.

القول الثاني: جواز ذلك وهو قول جماهير الفقهاء منهم (الثوري والشافعي وصاحبا أبي حنيفة وهو إحدى الروايتين عن مالك وإحدى الروايتين عن أحمد).

قال الشوكاني: وإليه ذهب الهادي والناصر والمؤيد بالله. انتهى.

وهو مذهب ابن حزم -رحمه الله- واستدلوا بما رواه أحمد والشيخان عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن، قالت: فرجعت إلى عبد الله فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد –كناية عن الفقر- وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله، فإن كان ذلك يجزئ عني وإلا صرفتها إلى غيركم، قالت: فقال عبد الله: بل ائتيه أنت، فقالت: فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة، فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن، فدخل بلال فسأله فقال: من هما؟ فقال: امرأة من الأنصار وزينب، فقال: أي الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما: أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة. ولفظ البخاري: يجزئ عني أن أنفق على زوجي وعلى أيتام لي في حجري؟.

قال الشوكاني في نيل الأوطار: استدل بهذا الحديث على أنه يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها.

وقال ابن حزم في المحلى: وتعطي المرأة زوجها من زكاتها إن كان من أهل السهام، صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفتى زينب امرأة ابن مسعود. وساق الحديث السابق.

والقول الراجح هو قول الجمهور: إنه يجوز للمرأة أن تدفع من زكاتها لزوجها إذا كان من أهل الزكاة بدليل الأثر والنظر، أما الأثر فحديث زينب السابق، وأما النظر فما قاله أبو عبيد رحمه الله: أن الرجل يجبر على نفقة زوجته وإن كانت موسرة، وليست تجبر هي على نفقته وإن كان معسراً، فأي اختلاف أشد تفاوتا من هذين).

وهذا إذا كان فقيراً أو غريماً بما لا يجد وفاء به كما أسلفنا، أما إذا كان غير ذلك فلا يجوز ولا يجزئ الزوجة دفع زكاتها إليه لتقوية تجارته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني