الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إهمال الأب للولد وترك النفقة عليه وعدم تقبّل الولد له لا يسقط حقّه في البر

السؤال

أنا بنت ربّاني والد أمّي- جدّي- بسبب انفصال والديّ، ولم نرَ أبي الحقيقي لمدة 14 عامًا، ولم نكن نتواصل معه، ولم ينفق علينا.
وحتى بعد أن عاد، عندما نطلب منه شيئًا يعتذر في أغلب المرات، علمًا أن لديه خيرًا من الله، ولم يتكفّل سابقًا بعلاج أخي، وأنا لا أستطيع أن أتقبله كأب؛ لأن أبي هو جدّي، فهل عليّ ذنب في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت من إهمال أبيك لك، وتركه النفقة عليك دون عذر؛ فهو آثم ظالم؛ لكن إثمه وظلمه؛ لا يغيّر حقيقة كونه أبًا لك شرعًا، وواقعًا، له ولاية عليك، ومسؤول عنك، وله عليك حق.

كما أنّ إحسان جدّك إليك، وقيامه بتربيتك ورعايتك؛ لا يجعل له حكم الأب المباشر.

وعدم تقبّلك لأبيك لا يغيّر هذه الحقيقة، ولا يسقط حقّه عليك؛ فمهما كان حال الأب، فإنّ له حقًّا على أولاده، وراجعي الفتوى: 431425.

فالواجب عليك أن تبرّي والدك، وتصليه بما تقدرين عليه -من الزيارة، أو الاتصال الهاتفي، أو غير ذلك-.

وأمّا هجرك له بحجة أنّك لا تتقبلينه كأب؛ فغير جائز، وهو عقوق، تأثمين به أعظم الإثم؛ فعقوق الوالدين من أكبر الكبائر.

فمهما كان في قلبك من جفاء نحو أبيك؛ فلا يجوز أن يمنعك ذلك من برّه، وأداء حقّه عليك.

ومما يعينك على برّ أبيك؛ أن تجاهدي نفسك، وتستعيني بالله تعالى، وتخلصي النية لوجهه، وتستحضري فضل برّ الوالدين، وما جعل الله له من المكانة، وما وعد عليه من الأجر، فبرّ الوالدين من أعظم أسباب رضوان الله، ودخول الجنة، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني