الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تبرأ ذمة المحتال إلا برد سائر الأموال لأصحابها

السؤال

شخص أخذ مالاً من آخر بقصد التجارة مشاركة بينهما في المكسب والخسارة، الأخ منه رأس المال والشخص الأول منه الجهد، خسرت التجارة وكذب صاحب الجهد على صاحب المال ولم يخبره بالخسارة، وقال له إن تجارتهما كسبت وأعطاه نصيبه من المكسب المزعوم، كيف أحضر هذا المكسب المزعوم وذلك بمشاركة شخص ثالث لا يعلم عن مشاركة الأول شيئاً وبعد فترة صاحب الجهد أخبر صاحب المال الثالث بأن هناك مكاسب وأعطاه نصيبه المزعوم وذلك بمشاركة صاحب الجهد شخصاً رابعاً، المهم كبرت دائرة الكذب والمكاسب الوهمية حتى وصل عدد الذين أخذ منهم مالاً 36 شخصاً منهم، شراكة بالمكسب والخسارة ومنهم من يعطيهم أرباحاً شهرية وليست لهم علاقة بالخسارة، وأصبح صاحب الجهد يدفع مكاسب 36 شخصاً وكلهم يعتقدون أنها مكاسب فعليه وهذه الأموال أخذها صاحب الجهد منذ 4 سنوات إلى الآن، المهم صاحب الجهد يدفع المكاسب الوهمية لـ 36 شخصاً وأصبح المال ينتهي من دفع المكاسب، وللعلم هناك من دفع 100000، ووصله مكسب 40000 وآخر دفع 50000 ووصله مكاسب 4000، وهناك من دفع 20000 ووصله 18000، وهناك من وصله رأس ماله كاملاً وفي اعتقادهم أن رأس مالهم مازال مع صاحب الجهد، وللعلم فإن الـ 36 شخصاً لا يعلمون بمشاركة بعضهم البعض كل واحد يعتقد أنه الشريك الوحيد وكل شريك دفع المال ولم يتابع تجارته، المهم يأتون من فترة لأخرى لقبض المكاسب فقط، المهم علم إخوته به منذ شهر فقط بالصدفة وبالضغط على أخيهم أخبرهم بالموضوع وعندما سألوه أين المبالغ التي أخذتها قال لا أعلم آخذ من هذا وأعطى مكاسب لهذا وهو فعلاً لا يعلم لكثرة الشركاء وكل من الشركاء لديه شيك مصرفي أو أ كثر بالمبالغ التي دفعها، أرسل أخوة صاحب الجهد إلى شركاء أخيهم وأعلموهم بكذب أخيهم، ووافق معظمهم على خصم المكاسب من رأس المال أي الذي دفع 100000 ووصله 40000 تبقى له 60000 وكلف أشخاص من المنطقة بحل المشكلة وجعلوا حلا للجميع وهو خمس المكاسب من رأس المال إلى جانب خصم نصف ما تبقى من رأس المال، مثلا شخص دفع 100000 ووصله مكاسب 40000 تخصم المكاسب وتتبقى 60000 يخصم النصف أي تتبقى 30000 ويتحمل صاحب المال الـ 30000، وافق على هذا الحل 28 شخصاً من 36 ودفع إخوته المال واشترط الـ 28 أن يكون الحل على الـ 36 وللعلم الذي يملكه صاحب الجهد حالياً 414 ديناراً فقط سيولة ولديه محل مواد غذائية قطاعي به بضاعة بقيمة 35000 دينار وعقار المحل ليس له، بعض الذين لم يرضوا بالحل طلبوا رأي الشرع، والأسئلة كالآتي: هل إخوته ملزمون بالدفع عن أخيهم شرعاً وهو ليس شريكاً معهم في أي شيء، وهل هذا الحل خصم المكاسب من رأس المال وخصم النصف من المتبقي لا يمس الشرع، وهل ما دفعه إخوته فضلاً منهم أم لا، وللعلم عمل هذا الحل لأن إخوته هذه إمكانياتهم ولا من يستطيعون مادياً أن يدفعوا أكثر من هذا، وأخيراً قيمة المبالغ التي استلمها صاحب الجهد مليون وأربعمائة ألف دينار ليبي أي ما يعادل مليون دولار تقريباً، إخوته سيدفعون حوالي نصف مليون دينار ليبي بالحل الحالي من مالهم الخاص، صاحب الجهد أخوهم لديه بضاعة بقيمة خمسة وثلاثين ألف دينار ليبي أي 22 ألف دولار تقريبا وسيولة 414 ديناراً أي 300 دولار، أفيدونا؟ وفقكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن هذا الشخص ضامن لأموال هؤلاء الأشخاص الذين أخذ أموالهم باستثناء الشخص الأول، لأنه بالنسبة للأول مضارب، والمضارب لا يضمن المال إلا في حالة التعدي، وإذا خسرت المضاربة، فيتحمل صاحب المال خسارة ماله ويتحمل المضارب خسارة جهده وعمله، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 8151.

أما الأشخاص الآخرون فإنه لم يكن مضارباً في أموالهم وإنما كان محتالاً كاذباً آكلاً لأموال الناس بالباطل، فيجب عليه رد هذه الأموال كلها وهي دين في ذمته لا يبرأ حتى يرده لأصحابه، إلا أن يعفو عنه أصاحبه فإذا رضوا أن يتنازلوا عن حقوقهم فهذا شأنهم، وإن أبوا فهو ملزم بدفع رؤوس أموالهم كاملة، ولهم أن يقاضوه ويحجروا على أمواله حتى يسدد ما عليه، وأما إخوانه فلا يلزمهم على سبيل الوجوب تحمل هذه الأموال، وإن تبرعوا بتحملها ودفعها لأهلها كان ذلك منهم عمل خير وبر بأخيهم.

مع تنبيه هذا الشخص على وجوب التوبة النصوح من هذه المعصية العظيمة، فقد جمع فيها الكذب والخيانة وأكل مال الغير، فالبدار البدار إلى التوبة عسى الله أن يغفر له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني