الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مجادلة الوالد بين العقوق وعدمه

السؤال

كان الوالد ـ رحمه الله ـ يحبني جداً، وأحبه، وكان صاحب أخلاقٍ، والتزامٍ، إلا أنه كان عصبياً جداً، وكان بيننا نقاشٌ، وجدالٌ، وكان قصدي من ذلك تليينه، وكسر الحواجز، إلا أنه بسبب طبعه الحاد، كان كثيرا ما يغضب مني، وربما كان أسلوبي غير جيدٍ، فقررت التوقف عن الجدال، وعدم التكلم، إلا للضرورةٍ، لتجنب غضبه مني، وبعدها صار هو يتكلم معي بأسلوبٍ ينم عن رضاه عني، واستمر هذا الحال أياماً، وبعدها توفي فجأةً، وقد كان مريضاً بالسكري، وفي تلك الفترة كنت مصاباً بالجاثوم بالوسواس القهري، ولا أعي تصرفاتي جيداً، والآن مرت على وفاته سنةٌ، وضميري يؤنبني جداٌ، لأنني لم أطلب منه العفو، وقد انتكست بعدما كنت على قدرٍ من الالتزام.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يغفر لأبيك ويرحمه، وأن يرفع درجاته في عليين، وأن يجمعك به في عالي الجنان، ونسأله أن يردك إلى جادة الاستقامة، ونوصيك بكثرة الدعاء بنحو ما رواه مسلمٌ، عن زيد بن أرقم ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها، ومولاها.

ونرجو أن تستفيد من التوجيهات التي ضمناها الفتاوى: 12928، 10800، 1208.

وإن كانت مجادلتك لوالدك في حدود الأدب، وبقصد النصيحة، والإصلاح، فلا حرج عليك في ذلك ـ إن شاء الله ـ وأما إن كان فيها نوعٌ من تجاوز حدود الأدب، أو كانت على وجهٍ قد يؤذي والدك، ويغضبه، فهذا نوعٌ من العقوق، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: والمراد به – أي العقوق – صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قولٍ، أو فعلٍ، إلا في شركٍ، أو معصيةٍ؛ ما لم يتعنت الوالد. اهـ.

فتجب التوبة في هذه الحالة، وراجع في شروط التوبة الفتوى: 29785.

وعليك بالإكثار من الدعاء لوالدك بخيرٍ، وبره بما تستطيع، فالبر لا ينقطع بالموت، كما هو مبينٌ في الفتوى: 203998.

والوسواس ينتفي به التكليف، إذا وصل بصاحبه إلى حدٍ لا يعي ما يقول، وأما مع الاختيار، فإنه يكون مكلفاً، ومؤاخذاً بتصرفاته من الأقوال، والأفعال، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني