الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرجع في أمر المنحة هو شرط الجهة المانحة

السؤال

أتيت إلى دولة أوروبية منذ بضعة أعوام، كلفني المجيء إلى هذه الدولة مبلغا كبيرا من المال، استدنته من أخي. كانت الحكومة تمنحني مساعدة مالية للمعيشة؛ لأني لا أعمل. وبعد سنة تزوجت، ولم أشترط على زوجي أن يسدد ديني؛ لاعتقادي أن هذا أمر بديهي لا يحتاج إلى شرط.
ولم أشترط على زوجي أن من حقي التصرف في المساعدة المالية المقدمة من الحكومة؛ لاعتقادي أن مالي ومال زوجي أصبح واحدا، ولا بأس أن يُصرف على العائلة، ولأنه أصلا سيسدد ديني، كما اعتقدت.
لكن مع مرور الزمن وحصول بعض الخلافات، ورفض شراء بعض الأمور التي رأيتها ضرورية للبيت؛ طالبت زوجي بحصتي من المساعدة الحكومية باعتبارها باسمي؛ فرفض، بحجة أن الحكومة تعطيه للمعيشة، وهو ينفقه علي للمعيشة، معتمدا على فتواكم: 144359.
وإذا قلت له إن هذا المال كنت أحصل عليه قبل معرفته، وإنه ليس هو السبب في حصولي على هذا المال؛ لأنني أتيت بنفسي وعلى نفقتي قبل أن أعرفه، وأن من واجب الزوج الإنفاق على زوجته من ماله، رفض، وقال: هذا المال ليس من حقك، وهو للعائلة.
ثم بعد مدة قرأ زوجي فتوى تقول إنه ليس عليه قضاء ديني السابق، وأن ذلك ليس واجبا عليه شرعا. ورفض أيضا سداد الدين، عندها أصررت أكثر على أخذ حصتي لسداد ديني بنفسي، وأداء التزامات أخرى.
أريد أن أعرف هل هذا المال من حقي؟ فكما أسلفت ليس زوجي سبب حصولي عليه، فأنا كنت آخذه قبل أن أتزوج، علما بأني آخذ مساعدة جيدة لي وللأطفال، وأنا فقط أريد الجزء الذي لي؟
وهل استشهاد زوجي بفتواكم: 144359 وتفسيره لها صحيح، علما أنني أراه يفسرها لصالحه، بينما هي لصالحي؟
ملاحظة: بعد الزواج تغير مسمى المساعدة الحكومية، لكنها لا تزال على اسمي، وبنفس القدر.
فهل هذا يجيز لزوجي اتخاذ أنها مختلفة، حجة على أنها ليست من حقي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأمر على ما ذكرنا في الفتوى التي أشرت إليها، في كون المرجع في أمر هذه المنحة شرط الجهة المانحة.

وما ذكرناه فيها ينطبق على هذه المنحة التي تمنحها الدولة لكم، فإن كان منها ما هوعلى سبيل الهبة لك سواء قبل الزواج، أم بعده؛ فهو ملك لك. فلا يجوز لزوجك التصرف فيه بغير رضاك؛ لما في الحديث الذي رواه أحمد في المسند أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.

وإن كانت تمنحها الدولة من أجل الإنفاق على الأسرة، وقام زوجك بإنفاقها للغرض الذي منحت من أجله، فليس لك الحق في مطالبته بشيء منها.

والواجب الالتزام بشرط الجهة المانحة. روى أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: المسلمون على شروطهم.

وفي الموطأ للإمام مالك عن القاسم بن محمد قال: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا.

ولا يلزم زوجك سداد تلك الأموال التي استدنتِها من أجل المجيء إلى هذه الدولة التي تقيمين فيها؛ إذ لا وجه لإلزامه بذلك شرعا.

وننصح بأن يحرص الزوجان على كل ما يكون سببا لاستقرار الأسرة، وأن يجتنبا أسباب النزاع؛ لئلا يكون الخصام ويكون بعده الفراق. وعاقبة ذلك الندم بسبب تشتت الأسرة، وضياع الأولاد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني