الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النار دركات كما أن الجنة درجات

السؤال

هل لجهنم درجات كالجنة. مثلا: هناك شخص لديه ذنوب قليلة جدا، فهل يعذب عذابا أخف ممن لديه ذنوب كثيرة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في كون النار دركات، بعضها أسفل من بعض، وأشد عذابا من بعض.

قال القرطبي في (التذكرة): قال الله تعالى: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار}. فالنار دركات سبعة: أي طبقات ومنازل ... فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار، وهي الهاوية؛ لغلظ كفرهم وكثرة غوائلهم، وتمكنهم من أذى المؤمنين. اهـ.

وقال ابن رجب في (التخويف من النار): قال تعالى بعد أن ذكر أهل الجنة وأهل النار: {ولكل درجات مما عملوا}، وقال: {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير * هم درجات عند الله}. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: "درجات الجنة تذهب علوًّا، ودرجات النار تذهب سفولًا". وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن عكرمة في قوله تعالى: {لها سبعة أبواب}، قال: "لها سبعة أطباق". وعن قتادة: {لكل باب منهم جزء مقسوم} قال: هي والله منازل بأعمالهم. اهـ.

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا}، أي: ولتفاوتهم في الدار الآخرة أكبر من الدنيا؛ فإن منهم من يكون في الدركات في جهنم وسلاسلها وأغلالها، ومنهم من يكون في الدرجات العلى ونعيمها وسرورها، ثم أهل الدركات يتفاوتون فيما هم فيه، كما أن أهل الدرجات يتفاوتون. اهـ.

وقال السعدي في تفسير قوله تعالى: هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللهِ {آل عمران:163}: أي: كل هؤلاء متفاوتون في درجاتهم ومنازلهم بحسب تفاوتهم في أعمالهم. فالمتبعون لرضوان الله يسعون في نيل الدرجات العاليات، والمنازل والغرفات، فيعطيهم الله من فضله وجوده على قدر أعمالهم. والمتبعون لمساخط الله يسعون في النزول في الدركات إلى أسفل سافلين، كل على حسب عمله. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني