الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يطلق زوجته التي خلعت الحجاب وصارت تتهاون في المحرمات؟

السؤال

أنا مسلم من دولة عربية، مقيم بالولايات المتحدة الأميركية، ومتزوج من أمريكية. لما تزوجتها كانت مسلمة محجبة لا تأكل إلا الحلال من الطعام، ولا تشرب الخمر. وقد كنت سعيدا غاية السعادة أن أراها على ذلك الحال، وكنا نتعاون على أمور الدين والدنيا. ومع مرور السنين صارت تعيش مشاكل مع عائلتها، وصارت تحس أن المجتمع ينظر إليها نظرة مغايرة على اعتبار أنها ترتدي الحجاب.
ففاجئتني أنها ترغب في عدم ارتداء الحجاب، وأنها ستبقى مسلمة بدون حجاب. وعلى الرغم من تنبيهي لها إلى خطورة الأمر أصرت على خلع الحجاب. كما أنها توقفت عن أكل الذبيحة الحلال. فقلت في نفسي سأصبر معها، وأحاول إنقاذها. لكن الأمور زادت استفحالا، فبدأت تشرب الخمر، وكلما تحدثت معها عن هذه الأمور تقول لي: إنها مسلمة، وإن الله غفور رحيم. صحيح أن الله غفور رحيم، لكن الإصرار على أمر مخالف للدين هو أمر يوجب العقاب لا المغفرة. وأمام تعنتها، قررتُ الطلاق. هل قولها إنها لا زالت مسلمة؛ رغم ما تفعله من أمور مخالفة لديننا الإسلامي يبقيها على ملة الإسلام؟ وهل طلاقي لها لا أتحمل فيه أية مسؤولية أمام الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن من ثبت إسلامه بيقين، لا يزول عنه إلا بيقين مثله. وخلع الحجاب، وأكل الذبائح المحرمة، وشرب الخمر من المنكرات العظيمة، ولكنها لا تخرج صاحبها عن دائرة الإسلام، إلا إذا استحلها.

وراجع لمزيد فائدة الفتوى: 146189، والفتوى: 120664.

ونوصيك بالصبر عليها، وعدم التعجل لطلاقها، وخاصة إن كنت قد رُزِقْتَ منها الأولاد، بل استمر في نصحها برفق ولين، وذكرها بالله وأليم عقابه إن هي لقيت ربها على هذه الحال، وأن الدين رأس مال المسلم، وأنه أغلى من أن يضيعه لدنيا رخيصة، أو بسبب ضيق وحرج تجده من الناس. وقد أحسن من قال:

فالدين رأس المال فاستمسك به فضياعه من أعظم الخسران

وبيِّن لها أنها إن ضيق عليها في هذا البلد، فهي في سعة في أن تهاجر لبلد مسلم، تستطيع فيه إقامة دينها في غير حرج، ويمكنك البحث عن سبيل للهجرة بها، ومحاولة إقناعها بذلك. وراجع الفتوى: 144781.

والطلاق يكره إن لم تدع إليه حاجة، فإن دعت إليه حاجة؛ فإنه مباح. وللتفصيل راجع الفتوى: 43627.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني