الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شارك قريبه على شاحنة واعترف له بقيمة الربح وطلب الفسخ ولم يعطه نصيبه

السؤال

اشتركت مع قريب لي في شراء شاحنة نقليات على نية كرائها لشركة نقل بضائع وطنية. وقد أخبرني قريبي بقيمة الربح بعد احتساب جميع المصاريف. وعلى هذا الأساس اشتركنا في الشراء. وبعد أربع سنوات لم أحصل على أيّ ربح سوى مرة واحدة، ودائما ما يتحجج بأنه لا يوجد عمل، على الرغم أنه حصل على رخصة النقل بين المحافظات لمادة القمح- وهذه مادة حيوية لا تتوقف عملية نقلها بين المحافظات حتى حينما كان أمر الإغلاق سار بسبب جائحة الكورونا-.
والآن أنا بحاجة لرأس المال، وطلبت أن نفض الشراكة، فوافق، ولكني لم أحصل على أية فائدة مما اتفقنا عليه، وعلمت أنه بعد مدة من شرائنا للشاحنة، اشترى شاحنة أخرى. هل يحق لي المطالبة بأرباحي طيلة مدة الشراكة بعد فضها؟ خصوصا أنه لم يطلعني على أيّ شيء منذ أن اشترينا الشاحنة، وقام بعدة مشاريع بعدها، وأشك أنه استخدم أموالي فيها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان العقد الذي حصل بينك وبين قريبك تضمن الاشتراك بينكما في شراء الشاحنة، على أن يقوم هو بتأجيرها، ويكون لكل منكما نسبة معلومة من الربح الناتج؛ فهذا عقد صحيح جمع بين الشركة والمضاربة.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: القسم الرابع، أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما. فهذا يجمع شركة ومضاربة، وهو صحيح. انتهى.

وإذا كنتما قد فسختما الشركة؛ فمن حقّك أن يدفع إليك نصيبك من الربح مدة الشركة، وهو مصدق في قوله فيما حصل من الربح؛ لأنّه أمين.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والعامل أمين في مال المضاربة؛ ..... فعلى هذا القول قوله في قدر رأس المال. .... وكذلك القول قوله فيما يدعيه من تلف المال أو خسارة فيه، وما يدعى عليه من خيانة وتفريط.
وقال: وإن قال[المضارب]: ربحت ألفا. ثم قال: خسرت ذلك. قبل قوله؛ لأنه أمين يقبل قوله في التلف، فقبل قوله في الخسارة، كالوكيل. انتهى.

وإذا لم يصدق صاحب المال المضارب في قدر الربح الحاصل؛ وكان له بينة، فإنّه يعمل بتلك البينة.

قال البهوتي -رحمه الله- في كشاف القناع: .. وفي أنه رَبحَ أو لم يربح، وفيما يدعيه من هلاك وخسران؛ لأن تأمينه يقتضي ذلك. ومحل ذلك: إن لم تكن ‌لربِّ ‌المال ‌بينة تشهد بخلاف ذلك. انتهى.

ومثل هذه المنازعات لا تفيد فيها الفتوى، ولكن الذي يفصل فيها هو القضاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني