الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأكمل لطالب العلم الاستغناء عن والده في الكسب؟

السؤال

هل يستغني طالب العلم عن والده في المال كمالًا في عقيدته، ويسعى في التحصيل بنفسه لشراء الكتب، مع أنه ليس لديه عمل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأفضل والأكمل لطالب العلم أن يستغني بكسبه وعمله عن والده، وعن غيره، إن كان قادرًا على العمل، ويعتمد على الله تعالى، ثم على نفسه في توفير ما يحتاج إليه؛ لأن السعي في تحصيل الرزق المباح مطلوب شرعًا، ومرغوب طبعًا، ولا يقلّ أهمية عن طلب العلم.

فقد رغّب النبي صلى الله عليه وسلم في التكسّب، واستغناء الشخص بنفسه، وهذا هو هدي الأنبياء، والصحابة، والعلماء، فقال صلى الله عليه وسلم: ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود -عليه السلام- كان يأكل من عمل يده. رواه البخاري. وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أي الكسب أطيب؟ فقال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور. رواه أحمد، والحاكم، وصححه الألباني.

ولكن إذا كان الوالد راضيًا بالنفقة على ابنه الذي ليس له عمل؛ ليتفرّغ لطلب العلم؛ فهو مشكور مأجور -إن شاء الله تعالى-، ولعل الله يرزقه بسبب إعانته لك في طلب العلم، فقد روى الترمذي عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أحدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر يحترف، فشكى المحترف أخاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لعلك ترزق به. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.

وقال في تحفة الأحوذي: أي: أرجو وأخاف أنك مرزوق ببركته، لا أنه مرزوق بحرفتك، فلا تمنن عليه بصنعتك. انتهى.

وبهذا يعلم أنه لا حرج على الابن في قبول نفقة أبيه، وهذا لا يتنافى مع كمال عقيدته، أو ورعه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني