الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتفاع الشخص العامِل بالمال الذي يُتبرّع به له

السؤال

أعرف شخصًا منذ 14 سنة، ويعاملني مثل ابنه؛ لأنه ليس عنده أبناء، ووالدي متوفى منذ زمن، وأطلب منه دائمًا طلبات كثيرة، وهو لا يتأخّر عليَّ في شيء، مع العلم أنني أعمل.
وفي أوقات كثيرة يساعدني في أشياء أطلبها، وأقرّر أن أدّخر الفلوس لغرض أحسن، أو لتأمين المستقبل، أو لكوني أحتاج شراء شيء ما، ولكنني لا أشتريه، وأدّخر الفلوس، فهل هذا المال حلال؟ أم حرام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان الرجل يعطيك المال تبرّعًا بطِيب نفس، ولا يعطيك لغرض معين تنفق فيه المال دون غيره؛ فلا حرج عليك في الانتفاع بهذا المال في أي غرض مباح، أو ادّخاره.

قال زكريا الأنصاري -رحمه الله- في أسنى المطالب في شرح روض الطالب: وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ، وَقَالَ: اشْتَرِ لَك بِهَا عِمَامَةً، أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ؛ تَعَيَّنَتْ لِذَلِكَ؛ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ، هَذَا إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ بِالْعِمَامَةِ، وَتَنْظِيفَهُ بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ؛ لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ، وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ، وَإِلَّا، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ؛ فَلَا تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ، بَلْ يَمْلِكُهَا، أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ. انتهى.

واعلم أنّ الشرع ينهى عن سؤال الناس أموالهم؛ إلا من ضرورة، أو حاجة شديدة؛ ففي سنن الترمذي، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ ‌المَسْأَلَةَ ‌كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَانًا، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وجاء في الفروع، وتصحيح الفروع: نقل الجماعة عن أحمد في الرجل له الأخ من أبيه، وأمه، ويرى عنده الشيء يعجبه، فيقول: هب هذا لي، وقد كان ذلك يجري بينهما، ولعل المسئول يحب أن يسأله أخوه ذلك، قال: ‌أكره ‌المسألة ‌كلها، ولم يرخص فيه.... انتهى.

وقال أبو حامد الغزالي -رحمه الله- في الإحياء: السؤال حرام في الأصل، وإنما يباح بضرورة، أو حاجة مهمة قريبة من الضرورة، فإن كان عنها بدٌّ، فهو حرام. انتهى.

وراجع الفتوى: 462841.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني