الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استحباب السماحة عند المطالبة بأداء الدين

السؤال

توفيت أمي، وتركت لنا قطعة أرض 350 مترا. هي ملك لنا ولخالي، وهي بعقد واحد، لنا 200 متر، ولخالي 150.
وقد سدد الاثنان ثمنها للشركة قبل وفاة أمي.
فكرنا في بيعها، ووافق خالي. وبعد أن اتفقنا مع السكرتيرة في الشركة لبيعها، قال خالي: أنا أشتري نصيبكم، فلا تبيعوه، فرفض إخوتي. فصممت أنا على البيع لخالي، وقلت لإخوتي: ما يقصر فيه خالي من مال سوف أرده أنا لكم.
والآن خالي لم يدفع لنا سوى نصف ثمن الأرض منذ سنتين، وأنا من سدد لإخوتي ثمنها، وهو لا يبالي، ولا يرد على رسائلي، ويقول حينما يتواجد معي: مالك سوف أرسله لك. ولا أجد له كبيرا يكلمه.
فهل هذا الموقف عقاب من الله؛ لأني بعت له على بيعة الشركة، حيث إنه بعد اتفاق إخوتي مع الشركة، صممت أن خالي هو من يشتريها؟
وماذا افعل معه، فقد أخذ كل أوراق الأرض؟
أراه لا يتقي الله في كثير من الأمور، على الرغم من أنه مشهور بأنه كافل لليتامى، إلا أنه يغضب الله في أمور أنا أعرفها.
هل يمكن تعنيفه، وتذكيره بالله بطريقة حادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي فهمناه من السؤال هو أن خالك كان شريكا لأمكم في الأرض التي ورثتموها عنها.

فإن كان هذا هو المراد، وكان نصيب كل مالك مشاعا -كما يظهر من السؤال- ولم تقسم الأرض. فإن خالكم أحق بشراء نصيبكم في الأرض من الشركة التي أراد إخوتك بيعها لها، حتى لو فرض كون العقد مع الشركة قد تم، فإن لخالكم الحق في إلغاء البيع بينكم وبين الشركة، وأخذ الأرض بالثمن الذي بعتم به للشركة، وهذا ما يعرف عند الفقهاء بحق الشفعة، وقد شرحنا هذا الحق بأسلوب مبسط، في الفتوى: 123871.
وعلى هذا؛ فلا أثم عليك -إن شاء الله تعالى- في إصرارك على بيع نصيبكم في الأرض للخال.

وقد أحسنت في سدادك لحق إخوتك عن خالك. وينبغي أن يحسن إليك كما أحسنت إليه، جزاء وفاقا. وليس له مماطلتك في حقك.
وأما ماذا تفعلين معه، وهل لك أن تذكريه بالله وتعنفيه؟

فيجوز لك أن تطالبيه بالدين، ولا حرج عليك أن تذكريه بالله -تعالى- ولكن برفق ولين، فالسماحة عند المطالبة بالدين مطلوبة شرعا، كما في الحديث: رحمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى. رواه البخاري. ومعنى: « إِذَا اقْتَضَى » أي طالب بحقه عند غيره.

كما أنه إذا كان خالك معسرا، فإن إنظار المسعر مأمور به شرعا، وقد بينا وجوب إنظاره في الفتوى: 138278

وإن لم يكن معسرا، وعلمت أنه يماطل في أداء الدين، فلك أن ترفعي أمره إلى المحكمة؛ لتلزمه بسداد الدين، وليس في هذا إثم عليك ولا قطيعة رحم، وانظري الفتوى: 61165في حكم مقاضاة القريب.
ومع ذلك، فالخال ذو رحم، وينبغي مراعاة ذلك، فيتغاضى المرء ما أمكن عن أخطائه، ويتقي ما قد يكون سببا لعداوة، أو شحناء بينه وبينه. فوشائج القربى أهم من عرض دنيوي زائل.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني