الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخسارة في المضاربة بين صاحب المال والعامل

السؤال

دخل زوجي في مشروع مع صديق له بعد ما أقنعه أن المشروع مربح، فقام زوجي بجمع المال من أمه، وأخي، ومني، ومن أبي، على شكل ديون، ومبلغ بسيط من ماله الخاص، إلى أن يأتيه ربح من المشروع لسداد الديون فيما بعد، لكن صاحبه لم يعطه أيَّ ربح بعد مرور ستة أشهر بحجة أن المشروع يعمل، لكن أرباحه قليلة، ويقوم بدفعه للديون، ورأس مال المشروع.
وبعد ذلك قال: المشروع أفلس، ولم يعط زوجي أيَّ ورقة تثبت الشراكة، فقام زوجي بإخباره بأنه منسحب، ويريد فك الشراكة، فيجب أن يبيع المطعم، ويعطيه حقه، فقام الشريك -صديق زوجي- بعد فترة بإدخال شريك آخر بدون علم زوجي، ورجع فتح المطعم، وخسر مرة ثانية.
والآن هو أغلق المطعم للمرة الثانية، وقال لزوجي المشروع خسر، ولن أعطيك شيئا، ويلزمك أن تتحمل الخسارة.
في هذه الحالة هل يستطيع زوجي استخدام الطريق القانوني لاسترداد حقه؛ لأنه مدين، ولا يعرف كيف يسد ديونه، ويطالب بكل المبلغ الذي أعطاه لصديقه، أم يلزمه أن يتحمل الخسارة؟
مع العلم أنه ما أدار المشروع، ولا أخذ منه دينارا ربحا، ونحن الآن عاجزون عن سداد الديون، وراتب زوجي يكفي لمعيشتنا فقط، ولا نستطيع من خلاله سداد الديون إذا لم نحصل على حقنا.
هل نستطيع سحب قرض، وسداد الديون؟ علما أن جميع البنوك تأخذ أرباحا حتى المصرف الإسلامي يأخذ نسبة محددة عند سحب قرض. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي يتحمل الخسارة في المضاربة؛ هو صاحب المال، وأمّا العامل: فلا يتحمل شيئا من الخسارة، إذا لم يكن منه تعدٍّ، أو تفريط.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والوضيعة في المضاربة على المال خاصة، ليس على العامل منها شيء; لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال، وهو مختص بملك ربه، لا شيء للعامل فيه، فيكون نقصه من ماله دون غيره. انتهى.

والعامل مصدَّقٌ في قوله فيما حصل من الربح والخسارة؛ لأنّه أمين.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والعامل أمين في مال المضاربة..... فعلى هذا القول قوله في قدر رأس المال..... وكذلك القول قوله فيما يدعيه من تلف المال أو خسارة فيه، وما يدعى عليه من خيانة وتفريط.

وقال: وإن قال المضارب: ربحت ألفا، ثم قال: خسرت ذلك، قبل قوله؛ لأنه أمين يقبل قوله في التلف، فقبل قوله في الخسارة، كالوكيل. انتهى.

وعليه؛ فالعامل مصدق في حصول الخسارة؛ والذي يتحمل الخسارة هو صاحب المال، ولا يتحمل العامل شيئا من الخسارة؛ إلا إذا ثبت أنّه حصل منه تفريط، أو تعدٍّ.

وإذا حصل نزاع بينهما؛ فالذي يفصل فيه هو القضاء الشرعي.

وأمّا الاقتراض بالربا: فهو من أكبر المحرمات، ومن السبع الموبقات ؛ فلا يجوز الإقدام عليه إلا عند الضرورة، وليس من الضرورة قضاء الديون، لأنّ المعسر يجب إنظاره، وانظري الفتوى: 6501، والفتوى: 15366.

وننبه إلى أنّ البنوك الإسلامية لا تعطي قروضا بفائدة، ولكنها تعقد عقد مرابحة، وهو في الأصل جائز شرعا؛ وراجعي الفتوى: 289246.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني