الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تعجيل أجرة البيت مقابل خصم جزء من الإيجار

السؤال

أسكن في شقة بالإيجار، وطلب مني صاحب الشقة إعطاءه إيجار شهر مقدم قبل ميعاده، في مقابل خصم جزء من الإيجار، أي أن الإيجار سيكون مخفضا في مقابل أن يستلمه مبكرا عن موعده.
فهل هذه الصورة ربا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت هذه الإجارة مشاهرة، فلا حرج في ذلك، فإن الأجرة تتجدد في كل شهر بحسب ما تتفقان عليه.
وإن كانت الإجارة لازمة، محددة المدة، فالأجرة محددة سلفا خلال هذه المدة، فإن كانت مؤجلة -كما هو الحال هنا- فإنها لا تملك إلا بحلول أجلها، حتى على قول من يقول بأن ‌الأجرة ‌تملك بمجرد ‌العقد، وهو قول الشافعية والحنابلة.

وأما عند الحنفية والمالكية فهي لا تملك إلا شيئا فشيئا، بحسب استيفاء المنفعة.

قال القاضي عبد الوهاب -المالكي- في «عيون المسائل»: إذا اكترى منه دابة أو دارًا أو عبدًا أو دكانًا، مدة معلومة ولم يشترط ‌تعجيل ‌الأجرة ولا تأخيرها، وأطلقا ذلك.

فعندنا وعند أبي حنيفة: أن الأجرة تستحق جزءًا فجزءًا، فكلما استوفى المستأجر منفعة يوم، استحق عليه أجرته.

وقال الشّافعيّ: إنها تستحق بنفس العقد، فإذا سلم المؤاجر العين المستأجرة إلى المستأجر، استحق عليه جميع الأجرة، فيكون الآجر قد ملك الأجرة بالعقد، ووجب تسليمها إليه العين المستأجرة. اهـ.
وقال ابن قدامة في «المغني»: المؤجر ‌يملك ‌الأجرة ‌بمجرد ‌العقد، إذا أطلق ولم يشترط المستأجر أجلا، كما يملك البائع الثمن بالبيع. وبهذا قال الشافعي.

وقال مالك، وأبو حنيفة: لا يملكها بالعقد، فلا يستحق المطالبة بها إلا يوما بيوم، إلا أن يشترط تعجيلها ...

وإذا شرط تأجيل الأجر، فهو إلى أجله، وإن شرطه منجما يوما يوما، أو شهرا شهرا، أو أقل من ذلك أو أكثر، فهو على ما اتفقا عليه؛ لأن إجارة العين كبيعها، وبيعها يصح بثمن حال أو مؤجل، فكذلك إجارتها. اهـ.
وإذا كانت الأجرة غير مملوكة، ولا مستحقة للمؤجر قبل أجلها، فلا يدخل تعجيل دفعها مع الحطيطة منها، في مسألة (ضع وتعجل).

على أن هذه قد روي جوازها عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وهي رواية في مذهب أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.

وبها أخذ مجمع الفقه الإسلامي، وراجع في ذلك الفتوى: 234811. وانظر للفائدة، الفتوى: 16084.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني