الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يصح عقد البيع مع جهالة ثمن المبيع

السؤال

شراء عقار بقيمة تقديرية مبدئية، وبأقساط متزايدة، ولفترة زمنية ثابتة، قيمة العقار الكلي متزايدة.
تم طرح مشروع لبيع العقارات: شقق سكنية، وأراض. حيث تم تحديد قيمة مبدئية تقديرية للعقار. البيع بالتقسيط لمدة 240 شهرًا، لكن قيمة القسط الشهري تتزايد بشكل دوري كل ستة أشهر. الحجة في سبب زيادة القسط الشهري هو التضخم، حتى يتم تغطية تكاليف الإعمار الإضافية الناتجة عن التضخم بشكل دوري، ولكي تبقى قيمة العقار متناسبة دوما مع قيمته التقديرية في السوق، والمتزايدة بسبب التضخم.
مدة سداد الأقساط ثابتة، وبالتالي قيمة العقار الكلي ستتزايد بشكل دوري، وستكون قيمته أكبر بكثير من القيمة التقديرية المبدئية، وذلك عند الانتهاء من سداد كامل الأقساط.
الغاية من المشروع مساعدة المشتري بسداد قيمة العقار بالتقسيط من جانب، وضمان حق البائع في قيمة منطقية للعقار من جانب.
للتوضيح: قيمة العقار اليوم مثلا 30 ألف دولار، ولكن قيمته بعد 240 شهرا ستصبح مثلا 50 ألف دولار، بسبب التضخم الدائم.
هل شراء العقار بهذه الصيغة جائز شرعاً؟
أفتونا. بارك الله فيكم، ونفع بعلمكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعقد المسؤول عنه يحتمل أن يكون بيعًا للعقار بالتقسيط، ويحتمل أن يكون عقد استصناع. وعلى كلا الاحتمالين لا يجوز شراء العقار بهذه الصيغة المذكورة في السؤال، وتوضيح ذلك أن نقول:

إذا كانت هذه الشقق قد تم إنشاؤها بالفعل، فلا وجه لربط زيادة القسط الشهري بالتضخم؛ لأن ذلك يؤدي إلى جهالة الثمن، وهو أمر غير جائز.

كما أنه لا تجوز أي زيادة عن الثمن المتفق على تقسيطه عند إبرام العقد بين البائع والمشتري، شأنه شأن سائر الديون الثابتة في الذمة.

وانظر للفائدة: الفتوى: 203818.

وأما إن كانت هذه الشقق لا تزال تحت الإنشاء، فالعقد الذي بين البائع والمشتري عقد استصناع، ومن شروط صحة عقد الاستصناع أن يكون الثمن معلوما عند إبرام العقد؛ لنفي الجهالة والغرر المفضيين إلى المنازعة.

جاء في المعايير الشرعية، الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية: يشترط أن يكون ثمن الاستصناع معلوماً عند إبرام العقد، ويجوز أن يكون نقوداً، أو عيناً، أو منفعة لمدة معينة، سواء كانت منفعة عين أخرى، أم منفعة المصنوع نفسه. اهـ.

والخوف مما قد يطرأ من تقلب تكاليف الإنشاء، لا يبيح جعل الثمن تقديرياً غير معلوم، ولكن إن طرأت ظروف قاهرة تستدعي تعديل ثمن العقار فيجوز ذلك.

جاء في المعايير الشرعية أيضا: إذا وجدت ظروف طارئة تستدعي تعديل ثمن الاستصناع زيادة أو نقصًا، فإنه يجوز باتفاق الطرفين، أو بالتحكيم، أو بالرجوع إلى القضاء، مع مراعاة البند 4/1/3. اهـ.

وقد قالوا في بند 4/1/3 ما يلي: لا يجوز زيادة الثمن لتمديد أجل السداد. أما تخفيض الثمن عند تعجيل السداد، فيجوز إذا كان غير مشترط في العقد. اهـ.

وراجع قرار المجمع الفقهي المتعلق بشأن الظروف الطارئة، وتأثيرها في الحقوق والالتزامات العقدية، والذي سبق نقل بعض فقراته في الفتوى: 73493.

فتبين بما سبق أن هذا العقد -على كلا الاحتمالين- لا يصح، ولا يجوز الإقدام عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني