الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضابط الأسماء الدالة على التزكية

السؤال

أغلب الأسماء المنتشرة فيها تزكية للنفس، وعلى سبيل المثال: "هدى، إيمان، مريم، بشرى، فدوى، كريمة، غفران، فرح، دعاء"
فإذا قلنا مثلا: هل دعاء هنا؟ فقيل لنا: لا، ليست هنا. فهل يمكن أن نقول إن هذا مكروه؟
المرجو التوضيح، لو سمحتم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس أغلب الأسماء المنتشرة فيها تزكية للنفس، كما زعمت السائلة، وبعض الأسماء التي ذكرتها ليس فيها تزكية أصلا كمريم، وبعضها فيه تفاؤل حسن كفرح وبشرى، ولم يأت الشرع بكراهة التسمي بمثل هذه الأسماء.

وأما الأسماء التي فيها شيء من التزكية، فالذي يمكننا قوله بخصوصها هو أن السنة دلت على أن النبي صلى الله عليه وسلم غير بعض الأسماء. ومنها نوعان:
أولهما: الأسماء التي فيها تزكية.
وثانيهما: الأسماء التي قد يحصل تطير بنفي وجودها عند النداء.
ففي الصحيحين من حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ، فَقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ. اهــ.
وفي صحيح مسلم أيضا ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتْ جُوَيْرِيَةُ اسْمُهَا بَرَّةُ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَهَا جُوَيْرِيَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ: خَرَجَ مِنْ عِنْدَ بَرَّةَ. اهــ.
وفي صحيح مسلم عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ».

فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ، فَيَقُولُ: لَا.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: وَقَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِلَّةَ فِي النَّوْعَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا، وهي التزكية، أو خوف التطير. اهــ.
وقد بينا علة كراهة الأسماء التي فيها تزكية، في الفتوى: 122541.

وللشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في موقعه الرسمي كلام حسن حول هذه المسألة، حيث قال: الأسماء التي تدل على التزكية تارة يتسمى بها الإنسان لمجرد كونها علماً، فهذه لا بأس بها، وتارة يتسمى بها مرائياً بذلك المعنى الذي تدل عليه، فهذا يؤمر بتغيير اسمه.

فمثلاً ناصر: أكثر الذين يسمون بناصر لا يريدون أنه ينصر الناس، إنما يريدون أن يكون علماً محضاً فقط.

الذي يسمي خالداً: هل يريد أن ولده يخلد إلى يوم القيامة؟ لا، الذي يسمي صالحاً هل أراد أنه سمى صالحاً لصلاحه؟

لكن إذا لوحظ في ذلك معنى التزكية فإنه يغير، ولهذا غير النبي -صلى الله عليه وسلم- اسم برة إلى زينب، وامرأة أخرى اسمها برة غيرها إلى جويرية. فهذا الميزان: إذا لوحظ فيه معنى التزكية يغير، وإذا لم يلاحظ فيه معنى التزكية فإنه لا يغير. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني