الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الابن إحضار سماعات للوالد إذا كان يستمع إلى محرمات

السؤال

أبي يشاهد مقاطع إنترنت كثيرة، فيها كشف عورة، وعلاقات محرمة، وأغانٍ. وقد طلب مني شراء سماعات له بعد تعطل سماعاته، فرفضت؛ لعلمي بما سيستعملها فيه؛ فغضب مني غضبا شديدا.
وقد سبق أن رفضت إصلاح التلفاز في بيت والدي؛ لكثرة تركه مُشَغَّلًا على أغاني الإعلانات طول اليوم. فما حكم ما عملت؟
لا أدري إن كان قراري صحيحا، أو يدخل في حكم إعانة غير مباشرة، ولا مقصودة. فلا تحرم؟
كما أرجو أن تدعوا له بالهداية، فهو تارك للصلاة.
وفقكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله -عز وجل- أن يوفق أباك للتوبة، والرجوع إليه -سبحانه- وخاصة فيما يتعلق بأمر ترك الصلاة؛ فإنه أمر عظيم، وهدم لركن من أركان الإسلام ركين.

ومما يدل على عظم هذا الإثم أن من أهل العلم من ذهب إلى كفر من ترك الصلاة، ولو تكاسلا، كما بيناه في الفتوى: 1145.

ولا شك في أن الدعاء من أعظم أسباب الاستقامة والصلاح، فنوصيك بكثرة الدعاء له أيضًا، فهذا من البر به، والإحسان إليه. فلعل دعوة صالحة تكون سببًا لصلاحه.

ومن البِرِّ به أيضا العمل على نصحه بالحسنى، وهذا الأسلوب الطيب في النصح مطلوب مع كل منصوح، ويتأكد في حق الوالدين؛ لما لهما من عظيم الحق.

قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَن الْمُنْكَرِ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى.

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 65179.

ومن المعلوم أن السماعة يمكن أن تستخدم في المباح والمحرم، ولذلك لا حرج عليك في إحضارها لأبيك إن طلب منك ذلك، بل تجب عليك طاعته، ما لم تعلم أنه طلبها ليستخدمها في المحرم، فلا يجوز طاعته حينئذ؛ إذ لا يطاع المخلوق في معصية الخالق.

ففي الصحيحين عن علي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.

وينبغي الاعتذار له بأدب.

وما ذكرناه في أمر السماعات، نذكره هنا فيما يتعلق بإصلاح التلفاز إن لم يعرف عنهم استخدامه في مشاهدة ما هو محرم.

وأما عدم إغلاقه عند بث الإعلانات المشتملة على الموسيقى، فينبغي النصح فيه.

والإعانة في مثل هذه الحالة؛ تعتبر من جنس الإعانة في شيء غير مباشر، ولا مقصود؛ لأنك لم تقصد بذلك الإعانة على المحرم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني