الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوفيق بين النصوص في حملة العرش

السؤال

وردت النصوص في الوحيين أن العرش يحمله حملة العرش، وأخرى أنه على الماء، فكيف نوفق بين هذه النصوص.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يخفى أن الله تعالى لم يخلق خلقه جميعا في آنٍ واحد، بل خلَق بعضه قبل بعض. وخلْق الماء والعرش سابق على خلق السماء، وما فيها من الملائكة من حملة العرش، وغيرهم بخمسين ألف سنة، كما يدل عليه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء. رواه مسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرسالة العرشية: أخبر الله تعالى أن عرشه كان على الماء قبل أن يخلق السموات والأرض، كما قال تعالى: {وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان ‌عرشه ‌على ‌الماء} وقد ثبت في صحيح البخاري، وغيره عن عمران بن حصين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "كان الله، ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض" ... وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء". وهذا التقدير بعد وجود العرش، وقبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة. اهـ.

وقال أيضا: لفظ الحديث المعروف عند علماء الحديث الذي أخرجه أصحاب الصحيح: {كان الله ولا شيء معه، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء} وهذا إنما ينفي وجود المخلوقات من السموات والأرض، وما فيهما من الملائكة، والإنس، والجن؛ لا ينفي وجود العرش.

ولهذا ذهب كثير من السلف والخلف: إلى أن العرش متقدم على القلم واللوح. مستدلين بهذا الحديث، وحملوا قوله: {أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب فقال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة} على هذا الخلق المذكور في قوله: {وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء}. وهذا نظير حديث أبي رزين العقيلي المشهور في كتب المسانيد، والسنن، أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ فقال: كان في عماء ما فوقه هواء، وما تحته هواء، ثم خلق عرشه على الماء". اهـ.

وقال القسطلاني في إرشاد الساري: أشار بقوله: وكان عرشه على الماء" إلى أنهما كانا مبدأ العالم لكونهما خلقا قبل كل شيء. اهـ. وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 195739، 183151.

وبعد خلق السموات وساكنيها من الملائكة، خلق الله منهم حملة العرش، والحافِّين من حوله، مع وجود الماء تحت العرش، وفوق السماء.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني