الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دفع مبلغ للطبيب مقابل الدعاية لشركة خدمات طبية دون طلبه

السؤال

لدينا شركة تقدم خدمات طبية منزلية، مثل زيارة أطباء، أو تمريض مريض في بيته، والسؤال الأول هو: في بعض الأوقات يرى الطبيب أن حالة المريض تحتاج إلى دخول المستشفى، فنقوم -كشركة- بالتنسيق مع بعض المستشفيات، لتيسير تحويل المريض إلى المستشفى، مثل التأكد من توفر سرير في العناية المركزة قبل تحرك المريض من بيته، وتنسيق سيارة إسعاف، وعند دخول الحالة إلى المستشفى تدفع المستشفى لنا مبلغا ماليا، دون زيادة أي مصاريف على المريض، ولا نقوم بتحصيل مبلغ مالي من المريض مقابل التنسيق، ولا ندفع أي مبلغ مالي للطبيب الذي طلب تحويل الحالة للمستشفى، فما الحكم الشرعي في المبلغ الذي نتقاضاه من المستشفى؟
السؤال الثاني: إذا زار الطبيب المريض في منزله، ووجد أنه يحتاج أن يعمل الأشعة، أو التحاليل، فإننا ندفع للطبيب مبلغا ماليا مقابل الدعاية لشركتنا: بأننا نملك إمكانية عمل هذه الأشعة، أو التحاليل في المنزل، دون إجبار الطبيب على طلب الأشعة، أو إجبار المريض على عملها لدينا، مع أننا -كإدارة- نقوم بالتنبيه على الأطباء بعدم طلب أي أشعة، أو تحاليل لا يحتاجها المريض، وأننا لن ندفع له مبلغا ماليا إن لم يقم بالدعاية، فما الحكم الشرعي في المبلغ الذي ندفعه للطبيب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا العمل لا حرج فيه من حيث الأصل، لكنه مظنة لحصول مفاسد عظيمة، وضبط ذلك مما قد يتعذر، والشريعة الغراء قد سدت باب الذرائع المفضية إلى الحرام، فحرمتها، فمنعت هدايا العمال، وسمتها غلولاً، ففي الحديث: هدايا العمال غلول. صححه الألباني.

وذلك لأن الهدية مظنة لاستمالة القلب، والمحاباة في العمل، وقد بوّب الإمام البخاري: باب من لم يقبل الهدية لعلة، وقال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم هدية، واليوم رشوة ـ يعني هدايا العمال. انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: الذريعة ما كان وسيلة وطريقًا إلى الشيء، لكن صارت في عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى فعل محرم، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن فيها مفسدة؛ ولهذا قيل: الذريعة: الفعل الذي ظاهره أنه مباح، وهو وسيلة إلى فعل المحرم. اهـ.

وهنا لا يمكن أن يوكل الأمر في هذا إلى ضمير الموظف وإيمانه، بحيث يشترط عليه في جواز ذلك عدم غش المرضى، وتقديم مصلحتهم على مصلحة نفسه، أو مصلحة جهة عمله، وبالتالي: يتعين منع ذلك مطلقا، من باب سد الذرائع المفضية إلى تلك المفاسد، وقد قال العلوي في مراقيه: سد الذرائع على المحرم * حتم ـ أي واجب.

وخلاصة القول أن أخذ شيء من المستشفى مقابل تحويل المريض إليه مما يتجه المنع منه، وكذلك دفع شيء للأطباء للترويج إليه، لما قد يترتب على ذلك من مفاسد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني