الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق زوجته طلقتين صريحتين ويمين طلاق حنث فيه

السؤال

هل وقعت الثلاث طلقات أم لا ؟
في أحد الأيام تشاجرت أنا وزوجتي، فلم أعد أتحدث إليها، لمدة أيام، وتركت البيت، وذهبت إلى العمل، وإذ أنا في الطريق اتصلت بي حماتي تتشاجر معي، وبعد أن اشتد الشجار، قلت لها: بنتك طالق، هذه أول مرة.
المرة الثانية: كان أخو زوجتي عندي في المنزل، وكان الوقت متأخرا، وطلبت منه ألا يسافر في هذا الوقت، وأن يظل معنا، فرفض، فقلت في داخلي، هل هو يخجل أن يظل معنا، فخشيت أن أقسم بالله عليه أن يظل معنا، فاضطررت أن أقسم عليه بالطلاق من أخته (ولم يكن قصدي الطلاق عموما، ولكن نوع من التمسك به، بأن يظل معنا) أن يبيت هذه الليلة معنا في البيت، ثم يذهب في الصباح، فرفض، وتعذر بأعذار كثيرة، فسمحت له بعدها بالذهاب.
المرة الثالثة: كان لدي مناسبة عند أحد أصدقائي في بلدة أخرى، وكنت قد طلبت من زوجتي القيام مبكرا، بتجهيز شنط السفر؛ لأن الطريق في وقت الذروة، لا أستطيع تحمله، وهي تعلم ذلك، وحدث خلاف كبير في هذا الأمر (لأنه في مرات كثيرة، كانت تؤخرني عن الذهاب مبكرا عند نهاية كل أسبوع عند الذهاب إلي زيارة أهلي، ويحدث الخلاف، ويشتد، ولا تذهب معي أحيانا كثيرة)، وبعد أن اشتد الخلاف هذه المرة قالت لي: لن أذهب معك، اذهب وحدك، فأقسمت بالطلاق منها، بأنها سوف تذهب معي فقالت: لن أذهب فقلت لها: أنت طالق (ولم يكن في نيتي أن أطلقها). فهل وقع الطلاق في الثلاث مرات أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا؛ أنّ الزوج إذا حلف بالطلاق، وحنث في يمينه؛ وقع طلاقه على زوجته؛ سواء قصدَ بالحلف إيقاع الطلاق، أو قصد به مجرد التهديد أو التأكيد ونحوه، وهذا قول جماهير أهل العلم بمن فيهم الأئمة الأربعة -رحمهم الله-.

وذهب بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أنّ الحالف بالطلاق بقصد التهديد، أو التأكيد، وليس بقصد إيقاع الطلاق؛ لا يقع طلاقه، ولكن تلزمه بالحنث فيه كفارة يمين، وراجع الفتوى: 11592.

وأمّا الطلاق باللفظ الصريح المنجز؛ فهو واقع عند عامة أهل العلم، سواء قصد به الزوج الطلاق، أم لم يقصده، قال ابن قدامة -رحمه الله- في الكافي: وإذا أتى بصريح الطلاق، وقع، نواه، أو لم ينوه، جادًّا كان، أو هازلًا. انتهى.

وراجع الفتوى: 441571.

وقد ذكرت في سؤالك أنّك طلقت زوجتك طلقتين صريحتين، وحلفت بطلاقها، ثم حنثت في حلفك.

وعليه؛ فالمفتى به عندنا؛ وقوع ثلاث طلقات، وحصول البينونة الكبرى.

وأمّا على قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فلم يقع سوى طلقتين، لأنّك لم تقصد إيقاع الطلاق باليمين الذي حلفته على أخي زوجتك.

ونصيحتنا لك أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بدينهم، وعلمهم وتعمل بقولهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني