الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل منحة الوفاة ومصاريف الجنازة لزوجة المتوفى أم لجميع الورثة؟

السؤال

أنا شاب عمري 28 سنة، وعندي أختان بالغتان، ومتزوجتان، ووالدتي ربة منزل. توفي والدي أول شهر يناير، بعد فترة طويلة من المرض، كنت أنا القائم بالمصاريف بأمر من والدي، من راتب المعاش، ومصادر الدخل الأخرى، ومدخراته، وعند الوفاة كان هناك جزء من المال الخاص به في المنزل تم صرفه علي الجنازة، والعزاء، ثم بعض أوراق المحكمة، ومكاتب الصحة، وخلافه، وتم الصرف منه على المنزل من متطلبات معيشة. ثم بقي مبلغ من المال، فهل ما بقي يخص والدتي؛ لأنها من كانت تعيش معه في المنزل؟ أم يوزع على الورثة؟ ثم بعد ذلك تم تصفية المعاش، ونقله لوالدتي من خلال التأمينات، لأنها الوحيدة المستحقة للمعاش، وتم صرف منحة وفاة، ومصاريف جنازة، من مكتب التأمينات باسم والدتي، فهل هذا المال خاص بها؟ أم للورثة حق فيه؟ وهل عليها رد ما تم صرفه على الجنازة والعزاء من هذا المال، ويوزع على الورثة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجوابنا يتلخص فيما يلي:
1ـ ما بقي عندك من مال الوالد يقسم بين كل الورثة القسمة الشرعية، وليس لأمك فيه إلا نصيبها الشرعي في الميراث، وهو الثمن، لقول الله تعالى في نصيب الزوجة عند وجود فرع وارث لزوجها الميت: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}.

2ـ المعاش الذي يُصرف لأمك بعد وفاة أبيك، إن كان هبة من الدولة، أو من جهة العمل، فهو لمن تخصصهم الجهة المانحة، ولا يكون سبيلُه سبيلَ الميراث، وإن كان في أصله مستحقات مالية لوالدك، فإنه لا يكون لأمك فقط، بل يقسم بين الورثة القسمة الشرعية، وانظر التفصيل في الفتوين: 354550، 202666

3ـ مصاريف الجنازة كثمن الكفن، وأجرة الغسال، ونحوها، هذه تسمى مؤن التجهيز، ولا حرج عليك فيما أنفقته من مال التركة فيها بالمعروف، لأنها مقدمة على حق الورثة في المال، وتؤخذ من التركة قبل قسمتها على الورثة.

جاء في الموسوعة الفقهية: وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَجْهِيزَ الْمَيِّتِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ، وَنَفَقَاتُ التَّجْهِيزِ تَكُونُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إِنْ تَرَكَ مَالاً، وَتُقَدَّمُ عَلَى دُيُونِهِ، وَوَصِيَّتِهِ، وَإِرْثِهِ. اهــ.

4ـ بَيَّنا في الفتوى: 115614. أنه ليس للعزاء مصاريف شرعية تؤخذ من التركة، وأنه لا ينفق شيء من التركة في مصاريف العزاء بدون إذن الورثة، فإن كنت استأذنتهم، فلا شيء عليك، وإن لم تستأذنهم، فإنك ضامن لذلك المال الذي أنفقته في العزاء، لتعديك على حقوق الورثة، وإن وجد من الورثة من هو غير بالغ، أو غير رشيد، فإنك تضمن حقه فيما أنفقته في العزاء بكل حال، ولو أذن لك، لأن إذنه غير معتبر.

5ـ لا ندري ما تعنيه بقولك: أوراق المحكمة، ومكاتب الصحة، وخلافه؟ وما دمنا لا نعلم حقيقة ما تعنيه، فإنه لا يمكننا الحكم على ما أنفقته من أموال فيها.

6ـ المنحة التي تم صرفها من مكتب التأمينات باسم والدتك لأجل الوفاة، ومصاريف الجنازة -كما ذكرت- إن كانت في أصلها حقوق للوالد -رحمه الله- فسبيلها سبيل الميراث، تقسم بين الورثة، ما دمتم قد أنفقتم من التركة مسبقا في مصاريف الجنازة، وإن كانت منحة منهم لوالدتك مواساة ونحوها، فهو لها، ولا يلزمها رده إلى التركة، فهو ليس مال لوالدك، وإنما هو لمن تحدده الجهة التي وهبته، كما لا يلزم والدتك رد ذلك المال إن كان هبة لها بدلا مما أنفقته أنت في العزاء، إذ لا يلزمها أصلا هذا، بل يتعين عليك أنت أن ترد ما أنفقته بدون إذن من الورثة، ولو سامحوك، أو رضيت والدتك بتعويض الورثة نيابة عنك؛ فلا حرج. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني