الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجر الأخت أخاها فترة مؤقتة بسبب إيذائه إياها

السؤال

زوجة أخي تكرهني بلا سبب، ويشهد الله أنني عاملتها أحسن معاملة، ولكنها شوهت سمعتي أمام الجميع. فطلقها أخي، ثم أرجعها، فبعثت لها رسالة، وقلت لها: لا تتكلمي معي أبدا، ولا تزوري بيتي، بسبب علمي ومشاهدتي للكلام الذي قالته عني.
فبعد فترة آذاني أخي برسالة طويلة، بكلام مؤذ جدا، لدرجة البكاء لمدة أسبوع بسبب هذه الرسالة، ومن ثَمَّ في اليوم التالي اعتذر لي.
هل يجوز أن أقاطعه فقط فترة مؤقتة؛ لكي أعطيه درسًا في التفكير قبل أن يرسل أيّ رسالة، لأن هذه ليست المرة الأولى التي يؤذيني فيها بكلامه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ثبت في السنة الصحيحة النهي عن هجر المسلم لأخيه المسلم، ثبت في الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري -رضي لله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا. وخيرهما الذى يبدأ بالسلام.

وقد تُرْجِم عليه في صحيح مسلم: باب تحريم الهجر فوق ثلاث، بلا عذر شرعي.

قال ابن عبد البر في التمهيد: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث, إلا أن يكون يخاف من مكالمته, وصلته ما يفسد عليه دينه, أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه... انتهى.

وبناءً على هذا الحديث، وكلام أهل العلم عن فقهه، نحكم على موقفك من زوجة أخيك، وموقفك من أخيك.

فهجرك لزوجة أخيك إن كان لخشية ضرر منها، فهجرك لها جائز.

وهجرك لأخيك بعد اعتذاره لك لا يجوز؛ لعدم وجود ما يسوغ لك هجره، ولكن يمكنك العمل بما جاءت به الرخصة من الهجر ثلاث ليال، وإن خشيت أن لا يتحقق بذلك المصلحة المقصودة، أو أن تترتب عليه مفسدة، فالأولى تركه.

وننصح بالسعي في إصلاح ذت البين، وتدخل العقلاء للقيام بذلك، فقد حث الشرع على الإصلاح، قال تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114}.

وروى أبو داود والترمذي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البيت الحالقة.

ومن أعظم مقاصد الشرع أن يكون المسلمون على أحسن حال من الألفة والمودة، وخاصة في حق من بينهما علاقة نسب أو مصاهرة.

ونوصي بكثرة الدعاء، وسؤال الله -تعالى- التيسير والتوفيق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني