الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انشغال الزوجة بالعلم والتعلم عن أعمال البيت

السؤال

زوجتي -بارك الله فيها- يوجد منها تقصير في أعمال البيت، وذلك بسبب اهتمامها بإعطاء دروس دينية علي التليجرام، وظنًّا منها أن أعمال المنزل، والاهتمام بحياتها الزوجية، تعطلها عن الأولوية في طلب العلم والتعلم، وذلك ظنًّا منها أن الأجر في ذلك أعظم من حياتها الدنيوية. والأمر الثاني أن رمضان شهر العبادة أيضا، وأن وقتها في المطبخ لعمل الإفطار تضييع وقت، والأفضل عمل أيِّ إفطار سريع للتفرغ للعبادة.
هل ظنها صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس صحيحًا ما تظن زوجتك؛ فأهمية طلب العلم، وتعليمه للناس، وكون ذلك قُربة عظيمة؛ لا شك فيها.

روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة. وفي صحيح البخاري عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه.

ولكن قيام المرأة على شأن بيتها وزوجها، وولدها؛ أعظم أجرًا.

روى ابن أبي الدنيا في كتاب النفقة على العيال: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: بينا نحن قعود عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ أتته امرأة، فقالت: السلام عليك يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك. الله رب الرجال ورب النساء، وآدم أبو الرجال وأبو النساء، بعثك الله إلى الرجال وإلى النساء، والرجال إذا خرجوا في سبيل الله فقتلوا، فأحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله، وإذا خرجوا لهم من الأجر ما قد علموا. ونحن نخدمهم ونجلس. فما لنا من الأجر؟ قال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أقرئي النساء عني السلام، وقولي لهن: إن طاعة الزوج تعدل ما هناك، وقليل منكن تفعله. اهـ. وهو حديث حسن، كما أوضحنا في الفتوى: 100884.

وآكدية خدمة المرأة لزوجها، وقيامها على بيتها، والاعتناء به، وتقديمها على غيرها، يستوي فيها رمضان وغيره.

ولكن نذكر هنا بأن الحياة الزوجية تقوم على التواد، والتراحم، والتعاون. فينبغي للزوجين أن يسلكا مسلك الاعتدال، ويكون بينهما التعاون، بحيث تتمكن المرأة من الجمع بين المصلحتين؛ مصلحة العلم تعلما وتعليما، ومصلحة القيام بما هو مطلوب من شأن الخدمة في البيت، فيعينها زوجها بتوفير خادمة تعينها مثلا إن كان ذلك في مقدوره، أو يعمل معها بنفسه ويساعدها.

وقد كان هذا من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في صحيح البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة -رضي الله عنها-: ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، تعني خدمة أهله. فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- هو القدوة للأزواج في ذلك.

قال ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري تعليقًا على هذا الحديث: أخلاق النبيين والمرسلين -عليهم السلام- التواضع والتذلل فى أفعالهم، والبعد عن الترفه والتنعم، فكانوا يمتهنون أنفسهم فيما يعن لهم ليسنوا بذلك، فيسلك سبيلهم وتقتفى آثارهم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني