الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يقع الطلاق بمجرد التهديد والوعد به

السؤال

حصلت مشكلة بين إخوتي، فقال لزوجته تجمعين الأغراض وإلا فستطلقين، فجمعت الأغراض، وبعدها تم الصلح، فهل يقع الطلاق....؟ وقصده من جمع الأغراض لكي يخرج من البيت، وينتقل إلى بيت آخر، ولم تكن له نية الطلاق في الحال، وسألته فقال إنه لم تكن عنده نية الطلاق، وإذا كانت عنده نية الطلاق، والمرأة قد جمعت الأغراض للخروج معه من البيت، فهل عليها شيء بعد ما جمعت أغراضها، إلا أنها تأخرت ساعة، أو ساعتين في جمع الأغراض....؟
وقرأت فتوى في موقعكم أنه إذا لم تكن له نية الطلاق في هذه الكلمة في الحال، فإن الطلاق لا يقع. ومرة أخرى قال لها: اخرجي من الغرفة وإلا طلقتك، فخرجت منها وباتت عند الوالدة، وفي اليوم الثاني تصالحا، وعلمنا أنها خرجت من الغرفة، وقد قيد الأمر بأن تخرج من الغرفة، وقد خرجت، فهل يقع الطلاق؟ وعلمنا أنه لم يتلفظ بكلمة طالق، بل قال لها أطلقك، وكثير من المرات يحدث خلاف فيقول لها تسكتين وإلا فسأطقلك، وبعد دقيقة، أو خمس دقائق تسكت.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي فهمناه من السؤال؛ أن الزوج أمر زوجته بجمع الأغراض، وهددها بأنّه سيطلقها إذا لم تجمعها، وفي المرة الأخرى أمرها بالخروج من الغرفة، وهددها بأّنه سيطلقها إذا لم تخرج، ولم يكن قاصدا إيقاع الطلاق في المرتين، فإن كان ما فهمناه صحيحا؛ فلم يقع الطلاق في المرتين؛ لأنّ الصيغة المذكورة صيغة توعد وتهديد بإيقاع الطلاق، وليست صيغة تعليق؛ وعليه، فلا يقع الطلاق بها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: الوعد بالطلاق لا يقع ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد، ولا يستحب. انتهى من مجموع الفتاوى.
وإذا فرض أنّ الصيغة تحتمل الوعد، وتحتمل التعليق؛ فهي كناية لا يقع الطلاق بها بغير نية إيقاعه، والقول في ذلك قول الزوج، لأنّه أدرى بنيته، وراجع الفتويين: 459379، 318343.

وإذا نوى الزوج الطلاق، وعلقه على عدم جمعها الأغراض، أو على عدم خروجها من الغرفة، أو غير ذلك؛ فطلاقه يقع إذا حصل ما علق عليه الطلاق حسب نيته؛ فإن قصد جمعها الأغراض، أو خروجها من الغرفة على الفور؛ وقع الطلاق إذا تأخرت، وإن قصده خلال زمن معين؛ فلا يقع طلاقه إذا فعلته خلال هذا الزمن.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له....... والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص....... ومنها، أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.

وما دام في المسألة تفصيل يتوقف على معرفة نية الزوج؛ فالصواب أن يشافه الزوج من تمكنه مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم والديانة، ويعمل بفتواهم.

وننبه إلى أنّ التهديد بالطلاق مسلك غير سديد، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني