الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ أجرة معلومة مقابل السعي في شراء خدمات الإنترنت وبيعها

السؤال

أعمل عملا حرا -مندوب مشاريع من دون راتب، ومن دون عقود وظيفية- لشركة يملكها صديقي، تعمل في مجال تقنية المعلومات.
وبناء على ذلك آخذ عمولة، أو جزءا من الأرباح اتفقت عليه معه، بعد إتمام الصفقات والمشاريع التي أجلبها له.
كمثال لبعض المشاريع التي ننفذها: أشتري خدمات الإنترنت من شركات الاتصالات المختلفة، وأتعاقد معها من خلال شركة صديقي كمشتر، ثم أبحث وأتواصل مع الشركات التي تكون لديها مشاريع وتحتاج إلى خدمة الإنترنت في مواقعها، وأسوق لهم المنتج، وأرسل عرض سعر.
وبعد الموافقة على السعر وعلى الخدمة أبيع لهم خدمة الإنترنت التي قمت بشرائها من شركات الاتصالات، ويتم تركيبها من خلال الطاقم الفني لشركة الاتصالات، وأتعاقد معهم من خلال شركة صديقي كبائع.
وبعد إتمام كل المراحل آخذ عمولتي، أو جزءا من الأرباح كما هو متفق عليه من البداية مع صديقي مالك الشركة التي تتم باسمها المعاملات التجارية.
فهل هذا النوع من التجارة حرام، أو حلال؟
وربحي الذي آخذه من خلال هذه التجارة. هل هو حلال أو حرام؟
ثانيا: هناك بعض الشركات التي تتعاقد معنا وتشتري منا ومن خلالنا خدمة الإنترنت، عندما نقدم لهم عرض السعر يطلبون عمولة لإتمام الصفقات. وهذه عادة متعارف عليها فهناك من يطلب، وهناك من لا يطلب، فلذلك نحن نضطر إلى الموافقة لإعطاء العمولة حتى نبيع ولا نخسر التعاقد.
فما الحكم بخصوص العمولة التي تعطى للشركات التي تتعاقد معنا ممثلة في الموظف المفوض منها لإتمام التعاقد معنا. فهل يجوز لهذا الموظف أن يأخذ عمولة منا أو لا؟ مع العلم أننا كشركة تبيع منتجا أو خدمة لا مانع لدينا من صرف عمولة له، أو لأي عميل أو شركة من الشركات التي تتعاقد معنا؛ لكي يستمروا في الشراء منا في المشاريع المستقبلية لديهم، وليتعاقدوا معنا وليس مع غيرنا من المنافسين في السوق.
فما حكم البيع والتجارة والربح الذي أحصل عليه من صديقي مالك الشركة التي جلبت لها المشروع، لو كان هناك بالفعل صفقات مشاريع وعقود أبرمت وصارت ملزمة بين الشركتين: شركة صديقي كبائع، وشركة ذلك الموظف المفوض عنها كمشتر لمدة عام أو عامين غير قابلة للإلغاء إلا بشرط جزائي في حالة إنهاء التعاقد قبل مدته من قبل أحد الطرفين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك أن تأخذ أجرة مقابل سعيك في شراء خدمات الإنترنت وبيعها، وكون أجرتك نسبة معلومة من الربح؛ قد أجازها بعض أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى: 178885.
والقول بالجواز قول قويّ، وقد رجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

فقد جاء في الفتاوى الكبرى: الْمُسَاقَاةُ، وَالْمُزَارَعَةُ، وَالْمُضَارَبَةُ، وَنَحْوُهُنَّ مِن الْمُشَارَكَاتِ عَلَى مَا يَحْصُلُ، مَنْ قَالَ هِيَ إجَارَةٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ أَو الْعَامِّ، فَقَدْ صَدَقَ، وَمَنْ قَالَ هِيَ إجَارَةٌ بِالْمَعْنَى الْخَاصِّ، فَقَدْ أَخْطَأَ.

وَإِذَا كَانَتْ إجَارَةً بِالْمَعْنَى الْعَامِّ، الَّتِي هِيَ الْجَعَالَةُ، فَهُنَالِكَ إنْ كَانَ الْعِوَضُ شَيْئًا مَضْمُونًا مِنْ دَيْنٍ، أَوْ عَيْنٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا. وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِمَّا يَحْصُلُ مِن الْعَمَلِ، جَازَ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا شَائِعًا، كَمَا لَوْ قَالَ الْأَمِيرُ فِي الْغَزْوِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى حِصْنِ كَذَا، فَلَهُ مِنْهُ كَذَا، فَحُصُولُ الْجَعْلِ هُنَاكَ الْمَشْرُوطُ بِحُصُولِ الْمَالِ، مَعَ أَنَّهُ جَعَالَةٌ مَحْضَةٌ، لَا شَرِكَةَ فِيهِ، فَالشَّرِكَةُ أَوْلَى وَأَحْرَى. انتهى.
وأما سؤالك الثاني: عن العمولة التي تعطونها لمندوب الشركة التي تبيعون لها خدمة الإنترنت، فلا يجوز لكم إعطاؤها للمندوب إلا إذا كان ذلك بعلم شركته وموافقتها؛ وذلك أن الموظف لا يحل له أن يأخذ عمولة مقابل عمله الذي تعاقد مع صاحب العمل على القيام به -إلا إن أذن له صاحب العمل بأخذ العمولة -. وانظر الفتوى: 232558.
وأما العقود والصفقات التي أبرمتموها مع شركة ذلك المندوب، فلا يؤثر في صحتها ما دفعتموه من عمولة للمندوب، ولا يلزمكم إلغاؤها، والأرباح المترتبة عليها مباحة لكم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني