الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال لزوجته عند الخلاف: لو تكلمت فأنت طالق، فتكلمت بعد انتهاء الخلاف

السؤال

ما حكم من قال لزوجته وقت الشقاق: لو فتحت فمك (أي تكلمت) أنت طالق ( ولم يحدد زمنا معينا سواء وقت الخلاف، أو بعده).
ولم تتكلم هي وقت الخلاف، ولكن تكلمت بعده طبعا كلاما عاديا. هل وقع الطلاق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان قصد الزوج منع زوجته من الكلام وقت المغاضبة، ولم يقصد منعها من الكلام بعد ذلك؛ فلا يحنث الزوج في يمينه بكلام الزوجة بعد المغاضبة؛ ولا يشترط تلفظه بتحديد المنع بزمن المغاضبة؛ فالراجح عندنا؛ أنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني : وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، ....... والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص، ....... ومنها، أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقا، وينوي فعله، أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.

وإذا لم يبين الزوج قصده بما حلف عليه؛ فيقوم السبب الذي حمله على الحلف مقام نيته، قال ابن عبد البر-رحمه الله-: والأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية نظر إلى بساط قصته ومن أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته. انتهى. من الكافي في فقه أهل المدينة.

وقال ابن قدامة -رحمه الله- في عمدة الفقه:... فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها فيقوم مقام نيته لدلالته عليها. انتهى.

وفي حال حنث الزوج في يمينه فالمفتى به عندنا وقوع طلاقه، سواء أراد الطلاق، أو أراد التهديد، أو المنع، وهذا قول أكثر العلماء بمن فيهم الأئمة الأربعة -رحمهم الله-. وإذا لم يكن طلاقه مكملا للثلاث؛ فله مراجعتها قبل انقضاء عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى: 54195

وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظري الفتوى رقم : 11592

وما دام في المسألة تفصيل يتوقف على معرفة نية الزوج؛ فالصواب أن يشافه ذلك الزوج من تمكنه مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم، والديانة، ويعمل بفتواهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني