الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يحرم اتخاذ وسادة من حرير للرجال

السؤال

هل صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينام على وسادة من حرير، لأنه يتم الآن الترويج لوسادة الحرير، ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام عليها، فلا بأس بها؟
وهل يجوز النوم عليها؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ وسادته كانت حريرًا؛ لا بإسناد صحيح، ولا ضعيف، ولا موضوع!

بل المنقول من حاله هو العكس، فقد كانت وسادته حشوها ليف، ففي الحديث المتفق على صحته: أن عمر بن الخطاب دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أهَبٌ مُعَلَّقَةٌ، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى، وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا، وَلَنَا الآخِرَةُ.

وراجع الفتوى: 70388.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى الرجال عن لُبس الحرير، والنهي يشمل الجلوس، والنوم عليه، فكيف ينهى عن الشيء، ثم يأتيه؟

فقد روى البخاري في صحيحه، عَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ، وَالفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ.

وهذا الحديث يفيد تحريم استعمال الرجال للحرير في كافة وجوه الاستعمال، ومنها اتخاذه وسادة.

قال الإمام النووي في كتابه المجموع، شرح المهذب: يحرم على الرجل استعمال الدبياج، وَالْحَرِيرِ فِي اللُّبْسِ، وَالْجُلُوسُ عَلَيْهِ، وَالِاسْتِنَادُ إلَيْهِ، وَالتَّغَطِّي بِهِ، وَاِتِّخَاذُهُ سَتْرًا، وَسَائِرُ وُجُوهِ اسْتِعْمَالِهِ، ولا خلاف في شيء مِنْ هَذَا، إلَّا وَجْهًا مُنْكَرًا، حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرِّجَالِ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْوَجْهُ بَاطِلٌ، وَغَلَطٌ صَرِيحٌ، مُنَابِذٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ -يعني حديث حذيفة الآنف ذكره-...

وَلِأَنَّ سَبَبَ تَحْرِيمِ اللُّبْسِ مَوْجُودٌ فِي الْبَاقِي، وَلِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ اللُّبْسُ مَعَ الْحَاجَةِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى. انتهى.

وراجع الفتوى: 54988.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني